الجامع لأحكام الوقف والهبات والوصايا

خالد المشيقح - أ.د/ خالد بن علي بن محمد المشيقح

صفحة جزء
الأمر الحادي عشر: هبة المرتد:

قبول المرتد للهبة صحيح بالاتفاق; إذ لا يحجر عليه في أسباب التملك.

واختلف العلماء رحمهم الله في حكم هبة المرتد، وذلك بناء على اختلافهم في حكم تصرفات المرتد المالية على أقوال:

القول الأول: أن هبة المرتد موقوفة إن أسلم بان نفوذها، وإلا بان فسادها.

[ ص: 206 ] وبه قال أبو حنيفة، والشافعي في القديم، وابن قدامة، وصاحب الشرح الكبير.

القول الثاني: أن هبته باطلة.

وبه قال المالكية، والشافعي في الجديد، والحنابلة.

القول الثالث: أن هبته نافذة.

وبه قال أبو يوسف، ومحمد بن الحسن، وبعض الحنابلة.

الأدلة:

دليل القول الأول:

1 - أن الصحابة رضي الله عنهم لم يتعرضوا لعقود المرتدين لما رجعوا للإسلام.

2 - أن المرتد حربي مقهور تحت أيدينا، فصار كالحربي يدخل دارنا بغير أمان فنأسره، فتتوقف تصرفاته لتوقف حاله، وفي الأهلية خلل لاستحقاق القتل لبطلان سبب العصمة.

دليل القول الثاني: أن ملكه قد زال بردته، فلا تصح تصرفاته; لتصرفه في ملك غيره.

ونوقش: بعدم التسليم بزوال ملكه.

دليل القول الثالث: أن الصحة تعتمد الأهلية، والنفاذ يعتمد الملك، والنفاذ والملكية موجودان.

[ ص: 207 ] الترجيح:

الراجح - والله أعلم - هو القول الأول; لما فيه من الجمع بين الأدلة، وأيضا، فإن ملكه تعلق بحق غيره مع بقاء ملكه، فكان تصرفه موقوفا كتبرع المريض.

التالي السابق


الخدمات العلمية