الجامع لأحكام الوقف والهبات والوصايا

خالد المشيقح - أ.د/ خالد بن علي بن محمد المشيقح

صفحة جزء
الأمر الثاني: هبة المختص كالكلب، ونحوه:

المختص: كل ما جوز الشارع الانتفاع به، ولم يرخص في بيعه.

اختلف العلماء رحمهم الله في حكم هبة الكلب المأذون في اقتنائه، ككلب الصيد ونحوه على قولين:

القول الأول: أنه تجوز هبته.

وهو قول جمهور أهل العلم من الحنفية، والمالكية، وهو وجه عند الحنابلة.

في الإنصاف: "وقيل: تصح هبة ما يباح الانتفاع به من النجاسات، جزم به الحارثي، وتصح هبة الكلب، جزم به في المغني والكافي والشرح، واختاره الحارثي.

قال في القاعدة السابعة والثمانين: وليس بين القاضي وصاحب المغني خلاف في الحقيقة; لأن نقل اليد في هذه الأعيان جائز كالوصية، وقد صرح به القاضي في خلافه، انتهى".

القول الثاني: أنه لا تجوز هبة الكلب.

وهو قول الشافعية، ووجه عند الحنابلة، هو المذهب.

في الإنصاف: "قوله: "وكل ما يجوز بيعه" يعني: تصح هبته، وهذا صحيح ونص عليه، ومفهومه: أن ما لا يجوز بيعه لا تجوز هبته، وهو المذهب، وقدمه في الفروع، واختاره القاضي".

[ ص: 266 ] الأدلة:

دليل القول الأول:

أن الشارع أذن في الانتفاع به، ومقتضى ذلك جواز هبته، ويدل لذلك:

(117 ) ما رواه البخاري من طريق أبي سلمة، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أمسك كلبا، فإنه ينقص كل يوم من عمله قيراط، إلا كلب حرث أو ماشية" قال ابن سيرين وأبو صالح: عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم: "إلا كلب غنم أو حرث أو صيد" وقال أبو حازم: عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم: "كلب صيد أو ماشية".

ودليل القول الثاني أن الشارع نهى عن بيعه، ويدل لهذا:

(118 ) ما رواه البخاري ومسلم من طريق مالك، عن ابن شهاب، عن أبي بكر بن عبد الرحمن، عن أبي مسعود الأنصاري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "نهى عن ثمن الكلب، ومهر البغي، وحلوان الكاهن".

ونوقش هذا الاستدلال: بالفرق بين عقود التبرعات والمعاوضات; إذ إن عقود التبرعات أوسع كما سبق.

وفي الإنصاف: "نقل حنبل فيمن أهدى إلى رجل كلب صيد ترى أن يثيب عليه؟ قال: هذا خلاف الثمن، هذا عوض من شيء، فأما الثمن فلا".

[ ص: 267 ] الراجح:

الراجح - والله أعلم - القول الأول; إذ الأصل في عقود التبرعات الحل والصحة.

التالي السابق


الخدمات العلمية