الجامع لأحكام الوقف والهبات والوصايا

خالد المشيقح - أ.د/ خالد بن علي بن محمد المشيقح

صفحة جزء
المبحث الرابع: شرط القبض، وكيفيته

وفيه مطلبان:

المطلب الأول: شرط القبض

اختلف العلماء رحمهم الله تعالى في اشتراط إذن الواهب في قبض العين الموهوبة على قولين:

القول الأول: أنه لا يشترط إذن الواهب في قبض العين الموهوبة. وهو قول المالكية، وابن حزم.

القول الثاني: أنه يشترط إذن الواهب لقبض الهبة.

فإن قبضها بغير إذنه لم تتم الهبة، ولم يصح القبض.

وهو مذهب الحنفية، والشافعية، والحنابلة.

وأجاز الحنفية قبضها بغير إذن صريح - استحسانا - إذا حصل ذلك في المجلس بحضرة الواهب، ولم ينهه عن ذلك لدلالة هذا على الإذن بالقبض الذي هو معنى الإيجاب في الهبة، والثابت لدلالة كالثابت نصا.

[ ص: 441 ] وبعد الافتراق من المجلس لا بد من الإذن.

وخالفهم الشافعية والحنابلة في ذلك: "لأن التسليم غير مستحق على الواهب، فلا يصح التسليم إلا بإذنه، كما لو أخذ المشتري المبيع من البائع قبل تسليم ثمنه...".

وهو مقتضى القياس عند الحنفية.

الأدلة:

دليل القول الأول:

خروج الموهوب من ملك الواهب، وصيرورته ملكا للموهوب له بالعقد له، كما تقدم الدليل على ذلك، وعلى ذلك لا يحتاج إلى إذن الواهب.

دليل القول الثاني:

أن الإذن بالقبض شرط لصحة القبض في باب البيع، فلو قبض المشتري المبيع من غير إذن البائع قبل نقد الثمن كان للبائع حق الاسترداد، فلأن يكون في الهبة أولى; لأن البيع يصح بدون القبض، والهبة لا صحة لها بدون القبض... ولأن القبض في باب الهبة يشبه القبول في باب البيع.

ونوقش: بالفرق بين البيع والهبة كما سبق.

[ ص: 442 ] الترجيح:

الراجح - والله أعلم - هو القول الأول; لما تقدم من الأدلة على ملكية الهبة بالعقد.

ما يترتب على اشتراط إذن الواهب في قبض الهبة:

يترتب على اشتراط إذن الواهب في قبض الهبة كما يلي:

1 - أن قبضها من غير إذن الواهب قبض فاسد لا يثبت به ملك الهبة.

2 - أن على القابض ضمان ما قبضه; لأنه لم يؤذن له في ذلك، وكيفية هذا الضمان كضمان المقبوض بعقد فاسد.

التالي السابق


الخدمات العلمية