الجامع لأحكام الوقف والهبات والوصايا

خالد المشيقح - أ.د/ خالد بن علي بن محمد المشيقح

صفحة جزء
المطلب الثالث:

الصورة الثالثة: إعمار المنفعة

بأن يقول: سكنى هذه الدار لك عمرك، أو اسكنها عمرك، ونحو ذلك، فاختلف العلماء في ذلك على قولين:

القول الأول: أن للمسكن الرجوع متى شاء، ومتى مات بطلت الإباحة.

وهو قول جمهور أهل العلم.

القول الثاني: أنها كالعمرى تكون له ولعقبه.

وبه قال الحسن، وعطاء، وقتادة.

الأدلة:

أدلة الرأي الأول: (الرجوع):

(240) 1- ما رواه الإمام مالك: عن نافع أن عبد الله بن عمر ورث من حفصة بنت عمر دارها قال: "وكانت حفصة قد أسكنت بنت زيد بن الخطاب ما عاشت، فلما توفيت بنت زيد قبض عبد الله بن عمر السكن، ورأى أنها له". [ ص: 27 ]

2- أنها هبة منافع، والمنافع تستوفى بمضي الزمان شيئا فشيئا، فلا تلزم إلا في قدر ما قبضه منها، واستوفاه بالسكنى.

3- أن الأصل بقاء الملك، ولا دليل على انتقاله.

دليل الرأي الثاني: (عدم الرجوع):

أنها في معنى العمرى، فيثبت فيها مثل حكمها.

ونوقش هذا الاستدلال: بأنه قياس مع الفارق; إذ العمرى تمليك للرقبة، بخلاف مسألتنا فهي تمليك للمنفعة.

الترجيح:

الراجح -والله أعلم- ما ذهب إليه جمهور أهل العلم; لقوة دليلهم في مقابل ضعف دليل القول الثاني بمناقشة.

التالي السابق


الخدمات العلمية