الجامع لأحكام الوقف والهبات والوصايا

خالد المشيقح - أ.د/ خالد بن علي بن محمد المشيقح

صفحة جزء
الشرط الرابع: أن يكون معينا، فلا يصح الإبراء مع إبهام المبرأ.

فلو قال: أبرأتك من أحد الدينين ونحو ذلك، أو أبرأت أحد هذين الرجلين، فللعلماء في هذا الشرط قولان:

القول الأول: صحة الإبراء مع إبهام المحل.

وهو الظاهر من مذهب المالكية، والرواية الثانية عند الحنابلة; لأن المالكية يجوزون الإبراء من المجهول، وهبة المجهول والمعدوم.

القول الثاني: عدم صحة الإبراء مع إبهام المحل.

وإليه ذهب الحنفية، والشافعية، ومذهب الحنابلة. [ ص: 340 ]

الأدلة:

دليل القول الأول:

1- قوله تعالى: وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة وأن تصدقوا خير لكم إن كنتم تعلمون .

وجه الدلالة: أن الله عز وجل رغب في الإبراء، وهذا يشمل إبهام المحل.

2- أنه بالإمكان الوصول إلى التخلص من هذا الإبهام بأمر سهل، وهو طلب البيان من المبرئ.

3- ما تقدم من الأدلة على جواز الإبراء من المجهول.

دليل القول الثاني: عدم صحة الإبراء مع إبهام المحل:

القياس على الهبة والضمان، فكما أنه لو قال: وهبتك أحد هذين العبدين، أو ضمنت لك أحد الدينين لا يصح، فكذلك هنا لو قال: أبرأت أحد غريمي لم يصح، والجامع بينهما إبهام المحل.

ونوقش هذا الاستدلال: بأن الأصل المقيس عليه موضع خلاف بين أهل العلم.

الترجيح:

الذي يترجح لي هو: القول بصحة الإبراء ولو مع إبهام المحل; لأن هذا من قبيل التبرع، وتقدم عدم اشتراط العلم بالموهوب، ولما في ذلك من فكاك ذمة المدين، وتخليصه من ذل الدين، وحصول المبرئ على ثواب الإبراء. والله أعلم. [ ص: 341 ]

وعلى هذا إذا أبرأه من أحد الدينين يرجع في تفسيره للمبرئ، قاله الحلواني والحارثي من الحنابلة، قال في الفروع: "يعني: ثم يقرع على المذهب".

التالي السابق


الخدمات العلمية