الجامع لأحكام الوقف والهبات والوصايا

خالد المشيقح - أ.د/ خالد بن علي بن محمد المشيقح

صفحة جزء
الشرط الخامس: أن تكون صيغة الإبراء منجزة:

فإن كانت معلقة كقوله: إذا جاء رأس الشهر فأنت بريء من ديني، أو إذا قدم فلان فأنت بريء من ديني ونحو ذلك، ففي هذا قولان:

القول الأول: صحة الإبراء مع التعليق.

وهذا القول هو ظاهر مذهب المالكية، ورواية عن أحمد، واختيار شيخ الإسلام.

القول الثاني: بطلان الإبراء مع التعليق.

وإليه ذهب الحنفية، والشافعية، والحنابلة، إلا أن الحنفية، والشافعية يستثنون بعض الصور، كما سيأتي إيضاحه.

فالحنفية يرون عدم صحة الإبراء المعلق إلا في مسائل، هي:

1- إذا علق الإبراء على موت الدائن، فإنه يصح; لأنه حينئذ وصية، والوصية جائزة بعد الموت.

2- إذا علق الإبراء على شرط متعارف، ومثاله: لو أبرأته مطلقته بشرط [ ص: 342 ] الإمهار صح التعليق; لأنه شرط متعارف، وتعليق الإبراء على شرط متعارف جائز.

3- تعليق الإبراء على أمر كائن، مثل قوله لمديونه: إن كان عليك دين أبرأتك عنه، أو يقول: إن أعطيته شريكي فقد أبرأتك، وقد أعطاه.

وأما الشافعية فهم أيضا يرون عدم صحة الإبراء المعلق، إلا أنهم استثنوا صورتين:

الصورة الأولى: صحة تعليق الإبراء على موت المبرئ، واعتباره في حكم الوصية، مثاله: أن يقول: أبرأتك بعد موتي، أو: إذا مت فأنت بريء من كذا.

الصورة الثانية: في الجعالة كما لو قال: إن رددت عبدي فأنت بريء من ديني فإذا رده برئ.

الأدلة:

أدلة القول الأول: (صحة الإبراء المعلق):

استدل لهذا الرأي بما تقدم من الأدلة على صحة تعليق الهبة.

أدلة الرأي الثاني:

استدلوا بالأدلة الآتية:

1- ما تقدم من الأدلة على عدم صحة تعليق الهبة.

وقد تقدم مناقشة هذه الأدلة.

2- أن الإبراء فيه معنى التمليك، والتمليك لا يصح تعليقه.

ونوقش هذا الاستدلال: أن دعوى أن الإبراء فيه معنى التمليك [ ص: 343 ] صحيحة، إلا أن فيه معنى الإسقاط من وجه آخر، كما تقدم إيضاحه حول اشتراط قبول المبرأ.

الترجيح:

الراجح -والله أعلم- صحة الإبراء المعلق; لما في ذلك من الإبراء المرغب فيه شرعا، والذي بموجبه فكاك ذمة المدين وتخليصه من ذل الدين.

التالي السابق


الخدمات العلمية