الجامع لأحكام الوقف والهبات والوصايا

خالد المشيقح - أ.د/ خالد بن علي بن محمد المشيقح

صفحة جزء
القسم الرابع: الوصية المحرمة :

جعل الحنفية أقسام الوصية باعتبار حكمها أربعة أقسام فقط، بإسقاط الحرام بناء على أصلهم في أصول الفقه من تفسير الحرام بما ثبت تحريمه بدليل قطعي، من كتاب أو سنة متواترة، أو مشهورة، وأن ما ثبت تحريمه بدليل ظني يسمونه مكروها تحريما.

ومعلوم أنه ليس في الكتاب والسنة وصية محرمة بالنص إلا ما كان من وصية الإضرار في قوله تعالى: من بعد وصية يوصى بها أو دين غير مضار ، [ ص: 115 ] وفي حديث ابن عباس رضي الله عنهما: "الإضرار في الوصية من الكبائر" ، إلا أن دلالة الآية على تحريم وصية الضرر بطريق المفهوم، والحنفية لا يقولون بحجيته، ودلالة حديث ابن عباس رضي الله عنهما، وإن كانت بطريق المنطوق النص، إلا أنه خبر آحاد، ومختلف في رفعه ووقفه، فلا يسمى الثابت به حراما، بل مكروها كراهة تحريم عندهم.

لذلك أسقطوا قسم الحرام من أقسام الوصية; لعدم وجوده على أصلهم، واكتفوا بالواجب والمندوب والمباح والمكروه، وزاد الجمهور قسم الحرام; لأنهم يرون أن الحرام ما ثبت تحريمه بدليل، سواء كان قطعيا أو ظنيا، وهو أولى.

فالوصية المحرمة: هي الوصية بحرام: مثل الوصية بالخمر والخنزير لمسلم، والوصية ببناء كنيسة، أو ترميمها، أو بناء قبة على قبره، أو كتابة التوراة والإنجيل، أو قراءتهما، وتوزيعهما، أو الإنفاق على المشاريع المحرمة، والنوادي الضالة، وغير ذلك من المناكير والمحرمات، كل ذلك تحرم الوصية به; لما في ذلك من التعاون على الإثم والعدوان، المنهي عنه بنص قوله تعالى: ولا تعاونوا على الإثم والعدوان

ومن ذلك: وصية الضرار، والوصية بأزيد من الثلث، ولوارث.

[ ص: 116 ] وفي حواشي الشرواني: "قوله: (إن عرف إلخ) وكذا إذا غلب على ظنه أن الموصى له يصرف الموصى به في معصية، فتحرم الوصية وتصح.

وفي حاشية البجيرمي : "وقد تحرم لمن عرف منه أنه متى كان له شيء في تركته أفسدها".

التالي السابق


الخدمات العلمية