الجامع لأحكام الوقف والهبات والوصايا

خالد المشيقح - أ.د/ خالد بن علي بن محمد المشيقح

صفحة جزء
المطلب الثاني: تعداد الأركان

اختلف العلماء - رحمهم الله - في تعداد أركان الوصية على أقوال:

القول الأول: أن أركان الوصية موصي، وموصى له، وموصى به، وصيغة.

وهذا قول جمهور العلماء.

وفي حاشية الجمل للشافعية : "(قوله: موصى له) قضية جعله من الأركان أنه يشترط ذكره، والمعتمد خلافه، فلو اقتصر على قوله: أوصيت بثلث مالي صحت، وتصرف في وجوه البر".

واختار ابن عبد السلام : أن الصيغة الإيجاب والقبول، ليست من أركان العقود، وإنما هي دليل على حصول ماهية العقد وحقيقته، المشتملة على أركانه، والدليل على الشيء غير المدلول.

القول الثاني: أن أركان الوصية الإيجاب والقبول.

وبه قال أبو حنيفة ، وصاحباه.

[ ص: 207 ] القول الثالث: أن ركن الوصية هو الإيجاب فقط.

وبه قال زفر .

الأدلة:

دليل الجمهور: أن الركن هو جزء الماهية، ولا يتحقق إلا بوجود هذه الأربعة.

واستدل أبو حنيفة والصاحبان على أن الركن هو الإيجاب والقبول معا:

1 - قوله تعالى: وأن ليس للإنسان إلا ما سعى ، فظاهره: أن لا يكون للإنسان شيء بدون سعيه، فلو ثبت الملك للموصى له من غير قبول تثبت من غير سعيه، وهذا منفي إلا ما خص بدليل.

2 - ولأن القول بثبوت الملك للموصى له من غير قبوله يؤدي إلى الإضرار به من وجهين:

أحدهما: أنه يلحقه ضرر المنة؛ ولهذا توقف ثبوت الملك للموهوب له على قبوله، دفعا لضرر المنة.

والثاني: أن الموصى به قد يكون شيئا يتضرر به الموصى له، فلو لزمه الملك من غير قبوله للحقه الضرر من غير التزامه، وإلزام من ليس له ولاية الإلزام; إذ ليس للموصي ولاية إلزام الضرر، فلا يلزمه.

ودليل زفر : أن كل واحد من الملكين ينتقل بالموت، ثم ملك الوارث لا يفتقر إلى قبوله، فكذا ملك الموصى له.

والأقرب: ما ذهب إليه جمهور أهل العلم; لقوة دليله.

[ ص: 208 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية