الجامع لأحكام الوقف والهبات والوصايا

خالد المشيقح - أ.د/ خالد بن علي بن محمد المشيقح

صفحة جزء
المطلب الثالث: وصية الحربي، والمستأمن، والمعاهد

تصح وصية هؤلاء باتفاق الأئمة في الجملة;

(164) لما روى البخاري ومسلم من طريق نافع ، عن ابن عمر رضي الله عنهما: أن عمر رضي الله عنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم قال: كنت نذرت في الجاهلية أن أعتكف ليلة في المسجد الحرام، قال: "فأوف بنذرك" .

فإذا صح منه إيجاب الاعتكاف، فكذا الوصية.

لأن الكفر لا ينافي أهلية التمليك، ولأنه يصح بيعه وهبته، فكذا وصيته.

فتصح لحربي مثله، سواء كان مستأمنا أو غير مستأمن.

والحربي: هو الذي بين المسلمين وبين قومه حرب، لا عهد بين المسلمين وبينهم.

والمعاهد: من بينه وبين المسلمين عهد.

والمستأمن: من دخل بلاد الإسلام بأمان.

قال ابن رشد : "وكذلك وصية الكافر تصح عندهم إذا لم يوص بمحرم".

[ ص: 397 ] وقال الحنفية : إذا أوصى وهو في دار الحرب ثم أسلم أهلها، أو صاروا أهل ذمة صحت وصيته، وتنفذ إذا كانت قائمة العين لم تستهلك، وإن استهلكت لا يقضى بها.

جاء في الأصل: "فإذا أسلموا أو صاروا ذمة قدرنا على التنفيذ فننفذها ما دام الموصى به قائما، فأما إذا صار مستهلكا أبطلنا الوصية، وألحقناها بالعدم; لأن أهل الحرب إذا أسلموا، أو صاروا ذمة لا يؤاخذون بما استهلك بعضهم على بعض".

وأطلق المالكية القول بجواز وصية الكافر، ولم يفرقوا بين الحربي والذمي والمستأمن.

وقال الشافعية : تصح وصيته إذا كان ماله في بلد الإسلام بأمان، ولا تصح إذا كان ماله في بلد الحرب، وبقي فيها، لأنه يتعذر تنفيذها.

وعند أبي حنيفة : تصح وصيته لغير مسلم، ولو بمحرم، خلافا لجمهور أهل العلم، فلا تصح وصيته بمحرم.

وتصح لمسلم ما لم يوص بما يحرم الانتفاع به كالخمر.

وحجته: أن المحرم لا يجوز للمسلم.

وإذا أوصى حال وجوده في بلاد الإسلام، فإن وصيته يتبع بها ما هو معلوم به عندهم.

التالي السابق


الخدمات العلمية