الجامع لأحكام الوقف والهبات والوصايا

خالد المشيقح - أ.د/ خالد بن علي بن محمد المشيقح

صفحة جزء
المسألة السادسة: الوصية للجهة المحرمة والمكروهة:

تصح الوصية للجهة المشروعة والمباحة.

واختلف العلماء في الوصية للجهة المحرمة والمكروهة :

[ ص: 472 ] وفي ذلك أمران:

الأمر الأول: الوصية للجهة المحرمة، كما لو أوصى للمغنيين والنائحات وأهل البدع ، ونحو ذلك، فلا تصح بالاتفاق ; لما يلي:

1 - قول الله تعالى: وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان

(175) 2 - ما رواه البخاري ومسلم من طريق الأعرج ، عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "قال رجل: لأتصدقن بصدقة، فخرج بصدقته، فوضعها في يد سارق، فأصبحوا يتحدثون: تصدق على سارق فقال: اللهم لك الحمد، لأتصدقن بصدقة، فخرج بصدقته فوضعها في يدي زانية، فأصبحوا يتحدثون: تصدق الليلة على زانية، فقال: اللهم لك الحمد، على زانية؟ لأتصدقن بصدقة، فخرج بصدقته، فوضعها في يدي غني، فأصبحوا يتحدثون: تصدق على غني، فقال: اللهم لك الحمد، على سارق وعلى زانية وعلى غني، فأتي فقيل له: أما صدقتك على سارق فلعله أن يستعف عن سرقته، وأما الزانية فلعلها أن تستعف عن زناها، وأما الغني فلعله يعتبر فينفق مما أعطاه الله" .

وجه الدلالة: أن الصدقة هنا على الزانية والسارق لم تحصل بصفة الزنى والسرقة، وإنما بصفة المرأة امرأة والرجل رجل، والوصية نوع من الصدقة.

الأمر الثاني: الوصية للجهة المكروهة:

مثل لو أوصى لمن يذكرون الله جماعة دائما، ونحو ذلك، فللعلماء قولان:

القول الأول: بطلان هذه الوصية.

[ ص: 473 ] وهو قول الشافعية .

وحجته: أن المكروه منهي عنه.

القول الثاني: صحتها.

وبه قال المالكية .

وحجته: أن الأصل الصحة.

والأقرب: القول الأول; إذ المكروه منهي عنه.

* * *

التالي السابق


الخدمات العلمية