الجامع لأحكام الوقف والهبات والوصايا

خالد المشيقح - أ.د/ خالد بن علي بن محمد المشيقح

صفحة جزء
المطلب الخامس: الوصية للحيوان:

وتحته مسائل:

المسألة الأولى: مشروعيتها:

اختلف العلماء رحمهم الله في حكم الوصية للحيوان على أقوال:

القول الأول: أنها صحيحة إذا لم يقصد تمليك البهيمة.

وهو مذهب الحنابلة .

القول الثاني: إن قصد تمليك البهيمة، أو أطلق فلا تصح، وإن وصى في علفها فصحيحة.

وهو مذهب الشافعية ، وظاهر قول الحنفية .

[ ص: 474 ] جاء في الفتاوى الهندية: "ولو أوصى لفرس فلان ينفق عليه كل شهر عشرة، فالوصية لصاحب الفرس".

القول الثالث: بطلان الوصية للحيوان.

وهو قول المالكية ، وفي قول لهم: لا تصح الوصية لبهيمة لا منفعة لآدمي فيها، جاء في منح الجليل: "لا لبهيمة لا منفعة فيها لآدمي"، فظاهره: صحة الوصية لبهيمة فيها منفعة للآدمي.

الأدلة:

أدلة القول الأول:

استدل لهذا القول بما يلي:

1 - عمومات أدلة الوصية.

(176) 2 - ما رواه البخاري ومسلم من طريق أبي صالح ، عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " بينا رجل يمشي، فاشتد عليه العطش، فنزل بئرا، فشرب منها، ثم خرج فإذا هو بكلب يلهث يأكل الثرى من العطش، فقال: لقد بلغ هذا مثل الذي بلغ بي، فملأ خفه، ثم أمسكه بفيه، ثم رقي، فسقى الكلب، فشكر الله له، فغفر له "، قالوا: يا رسول الله، وإن لنا في البهائم أجرا؟ قال: "في كل كبد رطبة أجر" .

(177) 3 - وما رواه مسلم من طريق هشام ، عن محمد ، عن أبي هريرة [ ص: 475 ] رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم "أن امرأة بغيا رأت كلبا في يوم حار يطيف ببئر، قد أدلع لسانه من العطش، فنزعت له بموقها فغفر لها" .

4 - أنه إذا قال: أوصيت لهذه الدابة فإن هذا تمليك، وهي ليست من أهل التمليك.

ونوقش: بأن اشتراط تمليك الموصى له غير مسلم به، وأيضا فإن تمليك كل شيء بحسبه.

دليل القول الثاني: (التفصيل):

1 - أن الوصية تمليك، والبهيمة ليست من أهل التمليك.

2 - أنه إذا قال: أوصيت لينفق على هذه الدابة صحت الوصية; لعدم التمليك هنا، وإنما نفع لهذه الدابة.

دليل القول الثالث: (البطلان):

أن الحيوان ليس أهلا للتمليك.

وتقدمت مناقشته.

الترجيح:

الراجح - والله أعلم -: ما ذهب إليه القائلون بالصحة; لأن التبرع بالمال عن طريق الوصية فعل خير، والأصل أن يكثر منه، ويحث عليه.

التالي السابق


الخدمات العلمية