التحصيل لفوائد كتاب التفصيل الجامع لعلوم التنزيل

المهدوي - أبو العباس أحمد بن عمار المهدوي

صفحة جزء
التفسير:

(يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة) يعني: آدم عليه السلام، (وخلق منها زوجها) يعني: حواء.

ابن عباس ، والحسن ، وغيرهما: خلقت حواء من ضلع من أضلاع آدم، وروي ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم.

مجاهد ، وغيره: خلقت من قصيرى آدم.

(وبث منهما رجالا) أي: نشر.

(واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام) أي: تعاطفون به، عن ابن عباس .

الضحاك : تعاهدون وتعاقدون.

الحسن ، ومجاهد ، وغيرهما: هو قولك: (أسألك بالله والرحم) .

قتادة ، والسدي ، وغيرهما: المعنى: واتقوا الأرحام أن تقطعوها.

[ ص: 204 ] (إن الله كان عليكم رقيبا) أي: حفيظا، عن مجاهد ، ابن زيد : عليما.

(إنه كان حوبا كبيرا) : (الحوب) : الإثم، وأصله: الزجر للجمل، فسمي الإثم (حوبا) ; لأنه يزجر عنه، و (التحوب) : التأثم، وهو أيضا: التحزن، وهو أيضا: الصياح الشديد، كالزجر.

وقوله: (مثنى وثلاث ورباع) اثنتين اثنتين، وثلاثا ثلاثا، وجاء ذلك على بدل (ثلاث) من (مثنى) ، و (رباع) من (ثلاث) ، ولذلك عطف بالواو، ولم يعطف بـ(أو) ، ولو جاء بـ(أو) ;) ; لجاز ألا يكون لصاحب المثنى ثلاث، ولا لصاحب الثلاث رباع.

وليس قول من قال من جهلة المبتدعة: (إن هذه الآية أحلت تزويج تسع نسوة) بشيء نتشاغل بالرد على قائله; فالعرب لا تدع أن تقول: تسعة) ، وتقول: اثنان وثلاثة، وأربعة، وهذا خلف من الكفر، وعي من الابتداع.

(فإن طبن لكم عن شيء منه نفسا فكلوه هنيئا مريئا) : أصل (الهنيء) : من (هنأت البعير) ; إذا طليته بالقطران; لتشفيه من مرض، فكأن الهنيء شفاء من فقر أو ما أشبهه، [ ص: 205 ] يقال: (هنأني الطعام، ومرأني) ، وكل ما لم أذكره في هذا الفصل; فقد تقدم ذكره في الأحكام.

(إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا) : روي: أن آكل مال اليتيم يقوم من قبره ولهب النار يخرج من فيه، وأنفه، وعينيه، وأذنيه. وقيل: هو تمثيل; معناه: أن أكل ذلك يصيرهم إلى النار.

ابن زيد : هي لأهل الشرك حين كانوا لا يورثونهم، ويأكلون أموالهم.

(وسيصلون سعيرا) : مأخوذ من (الصلا) ; وهو لزوم النار للإحراق، والتسخين، والإنضاج، و (السعير) : اشتعال النار.

(إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة) : قال عكرمة : الدنيا كلها جهالة.

مجاهد ، وقتادة : كل معصية لله جهالة، ولو أتى المعصية وهو لا يعلم أنها معصية، لكان خطأ.

(ثم يتوبون من قريب) : قال الضحاك : كل ما دون الموت; فهو قريب، [ ص: 206 ] وقيل: إن ذلك قبل أن يعاين الملائكة.

وعن النبي صلى الله عليه وسلم: "من تاب قبل أن يغرغر; قبل الله توبته".

الربيع بن أنس : نزلت الأولى في المؤمنين; يعني: (إنما التوبة على الله) الآية، قال: والوسطى في المنافقين; يعني: (وليست التوبة للذين يعملون السيئات) إلى قوله: (إني تبت الآن) ، قال: والأخرى في الكفار; يعني: قوله: (ولا الذين يموتون وهم كفار) .

وقيل: بل كلها في المسلمين.

وقوله: (وكيف تأخذونه وقد أفضى بعضكم إلى بعض) : قال ابن عباس : (الإفضاء) : الغشيان، وقيل: هو الخلوة وإن لم يجامع، وأصله: المخالطة، والشيء المختلط: (فضى) ، مقصور.

(وأخذن منكم ميثاقا غليظا) : قال الحسن ، وابن سيرين وغيرهما: هو إمساك بمعروف، أو تسريح بإحسان.

مجاهد ، وابن زيد: هي كلمة النكاح التي يستحل بها الفرج.

التالي السابق


الخدمات العلمية