التحصيل لفوائد كتاب التفصيل الجامع لعلوم التنزيل

المهدوي - أبو العباس أحمد بن عمار المهدوي

صفحة جزء
التفسير :

قوله تعالى : وربائبكم : (الربيبة) : بنت امرأة الرجل، سميت ربيبة; لتربيته إياها، وهي بمعنى: مربوبة، وزوج المرأة : ربيب ابن امرأته.

وقوله: وحلائل أبنائكم : الرجل حليل زوجته، والمرأة حليلة زوجها; لأن كل واحد منهما مع الآخر في فراش.

وقيل: هي حليلة بمعنى: محلة، من الحلال.

[ ص: 244 ] غير مسافحين أي: غير زانين، عن مجاهد، والسدي ، وأصله: من صب الماء.

بعضكم من بعض أي: أنتم بنو آدم، وقيل: أنتم مؤمنون.

وقيل: في الكلام تقديم وتأخير، والمعنى: ومن لم يستطع منكم طولا أن ينكح المحصنات المؤمنات; فلينكح بعضكم من بعض، هذا فتاة هذا، وهذا فتاة هذا; فـ (بعضكم) على هذا التقدير مرفوع بفعله.

و (الفتاة) : المملوكة، وأصله للشابة، ويستعمل للعجوز أيضا.

غير مسافحات أي : متزوجات غير زانيات.

ولا متخذات أخدان : (الخدن) : الصديق الذي يزني بها سرا; [فـ "المسافحة" : المجاهرة بالزنا، "وذات الخدن": التي تفعله سرا].

وقيل: (المسافحة) : المبذولة، و (ذات الخذن) : التي تزني بواحد.

ابن عباس : كانوا يستحلون ما خفي من الزنا، ويحرمون ما ظهر منه، وفي ذلك أنزل الله تعالى: ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن .

ذلك لمن خشي العنت منكم يعني: الزنا، عن ابن عباس ، وابن جبير، وغيرهما.

[ ص: 245 ] وقيل : هو الضرر الشديد في دين أو دنيا.

يريد الله ليبين لكم أي: أراد الله هذا الذي ذكره للتبيين لكم، هذا مذهب سيبويه وأصحابه .

والكوفيون يرون أن اللام بمعنى: (أن) .

وقيل : المعنى: يريد الله هذا ليبين لكم .

ويهديكم سنن الذين من قبلكم : من أهل الحق.

[وقيل: معنى (يهدي) : يبين، والمعنى: يبين لكم سنن الذين من قبلكم من أهل الحق] وأهل الباطل.

ويريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا قال مجاهد : الزناة.

السدي: اليهود والنصارى.

ابن زيد : هي عامة في كل مبطل; لأنه يتبع شهوة نفسه في باطله.

وخلق الإنسان ضعيفا مجاهد ، وغيره: ضعيفا في أمر النساء، لا يستطيع الصبر عنهن; فلذلك أبيح له تزويج الإماء.

[ ص: 246 ] ولا تقتلوا أنفسكم أي: لا يقتل بعضكم بعضا، عن عطاء، والسدي ، وغيرهما.

وقيل : المعنى: لا تتجروا في بلاد العدو; فتغرروا بأنفسكم.

وقيل: هو نهي أن يقتل الإنسان نفسه في حال الغضب.

ويجوز أن يكون المعنى: لا تفعلوا ما يهلككم في الآخرة، ويكون معنى ومن يفعل ذلك عدوانا وظلما : ومن يفعل في الدنيا ما يوجب عليه عذاب الآخرة; فسوف نصليه نارا.

ومن يفعل ذلك يعني: ما تقدم النهي عنه في الآية.

وقيل: ما تقدم ذكر تحريمه من أول السورة.

و (العدوان) : مجاوزة الحد، و (الظلم) : وضع الشيء في غير موضعه.

وندخلكم مدخلا كريما يعني : الجنة.

والجار ذي القربى أي: الجار المجاور، واشتقاق (الجار) من (العدول) ، فجار الإنسان قد عدل إلى ناحيته في مسكنه.

ومعنى (ذي القربى) : الذي بينك وبينه قرابة ، فله حق القرابة وحق الجوار، روي معناه عن ابن عباس ، وغيره.

وقيل : هو الجار المسلم.

[ ص: 247 ] والجار الجنب : الغريب، عن ابن عباس ، وغيره.

وقيل : هو الجار الذي لا قرابة بينك وبينه.

و (الجنابة) : البعد، وأصلها: التنحية، ومنه : واجنبني وبني أن نعبد الأصنام .

والصاحب بالجنب : الرفيق في السفر، عن ابن عباس ، وابن جبير، وغيرهما.

وعن علي ، وابن مسعود، وغيرهما: الزوجة.

ابن جريج: هو الذي يلزمك ويصحبك رجاء نفعك.

وابن السبيل : المسافر الذي يجتاز بك مارا، عن مجاهد، وغيره، وقد تقدم القول فيه في (البقرة) .

إن الله لا يحب من كان مختالا فخورا : (المختال) : ذو الخيلاء، والاختيال والفخر مذمومان إلا في حال الحرب، والمراد ههنا: من يتكبر على أقربائه إذا كانوا فقراء.

الذين يبخلون ويأمرون الناس بالبخل يعني: اليهود، بخلوا بما عندهم من صفة النبي صلى الله عليه وسلم، وأمروا الناس بذلك.

[ ص: 248 ] وقيل: بخلوا بالإنفاق في سبيل الله، وكتموا ما أوتوه من صفة النبي صلى الله عليه وسلم، روي معناه عن ابن عباس ، ومجاهد، وغيرهما.

وقيل : هي عامة في كل من بخل بالإنفاق في سبيل الله.

والذين ينفقون أموالهم رئاء الناس : قال الزجاج : هذا في المنافقين، وقيل: يعني به اليهود.

ومن يكن الشيطان له قرينا فساء قرينا أي: من يقبل ما يسول به الشيطان; فساء قرينا قرينه .

و (القرين) : الصاحب، مأخوذ من الاقتران.

إن الله لا يظلم مثقال ذرة : (المثقال) : مفعال، من: الثقل.

و (الذرة) : النملة الحمراء، عن ابن عباس ، وغيره; وهي أصغر النمل، وعنه أيضا: رأس النملة.

وإن تك حسنة يضاعفها [أي: يجعلها أضعافا، قال بعض المفسرين: هذا نزل في المهاجرين خاصة، واختاره الطبري، ورأى أن (يضاعفها) ] لأكثر من عشر أمثال الحسنات.

قال: وهو معنى حديث أبي هريرة: «إن الحسنة تضاعف بألفي ألف [ ص: 249 ] ضعف» ; أي: للمهاجرين; لأن الله ـ تعالى ـ أخبرنا أنه يجزي بالحسنة عشر أمثالها، فلا يكون في إخباره اختلاف .

ويؤت من لدنه أجرا عظيما : قال ابن جبير : الجنة.

التالي السابق


الخدمات العلمية