التحصيل لفوائد كتاب التفصيل الجامع لعلوم التنزيل

المهدوي - أبو العباس أحمد بن عمار المهدوي

صفحة جزء
والله أركسهم بما كسبوا أي: ردهم إلى حكم الكفار، عن ابن عباس .

قتادة : أهلكهم، وقيل : أضلهم.

وحكى الفراء، والكسائي : (أركسهم) و (ركسهم) بمعنى: ردهم إلى

الكفر.

[ ص: 327 ] ومن يضلل الله فلن تجد له سبيلا أي: طريقا مستقيما.

فإن تولوا فخذوهم أي: إن تولوا عن الهجرة في سبيل الله.

إلا الذين يصلون إلى قوم بينكم وبينهم ميثاق : قال الحسن : نزلت في بني مدلج، كان بينهم وبين قريش عهد، وكان بين قريش وبين رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ عهد.

عكرمة : نزلت في هلال بن عويمر، وسراقة بن مالك بن جعشم، وخزيمة بن عامر بن عبد مناف، كان بينهم وبين النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ عهد.

أبو عبيدة : معنى (يصلون) : ينتسبون، وأنكره العلماء; لأن النسب لا

يمنع من قتال الكفار وقتلهم.

أو جاءوكم حصرت صدورهم أن يقاتلوكم أي: ضاقت صدورهم عن قتالكم وقتال قومهم، قاله السدي، والحسن.

[ ص: 328 ] وهو حال على معنى: قد حصرت، وهو عند المبرد بمعنى الدعاء ، وعند الزجاج : خبر بعد خبر .

ومعنى اتصاله بما قبله: اقتلوا المنافقين الذين اختلفتم فيهم إن لم يهاجروا، إلا أن يتصلوا بمن بينكم وبينه ميثاق; فيدخلوا فيما دخلوا فيه، فلهم حكمهم، وإلا الذين جاؤوكم قد حصرت صدورهم عن أن يقاتلوكم، أو يقاتلوا قومهم، فدخلوا فيكم; فلا تقتلوهم.

السدي: إن أظهروا كفرهم; فاقتلوهم; يعني: المنافقين، إلا أن يتصلوا

بمن بينكم وبينه عهد .

ومعنى وألقوا إليكم السلم : الاستسلام، وقيل : الصلح، وقيل: الإسلام.

[ ص: 329 ] ولو شاء الله لسلطهم عليكم أي: لأذن لهم في قتالكم، وقيل: لقوى قلوبهم على قتالكم.

ستجدون آخرين يريدون أن يأمنوكم ويأمنوا قومهم : قال السدي: نزلت في نعيم بن مسعود، كان يأمن المسلمين والمشركين.

قتادة: نزلت في قوم من أهل تهامة، طلبوا الأمان من النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ليأمنوا عنده وعند قومهم.

مجاهد : هي في قوم من أهل مكة.

الحسن : في قوم من المنافقين.

وقيل: نزلت في أسد وغطفان، قدموا المدينة، فأسلموا، ثم رجعوا إلى

ديارهم، فأظهروا الكفر.

كل ما ردوا إلى الفتنة أركسوا فيها أي: إلى الاختبار في إظهار الكفر; رجعوا فيه.

ومعنى جعلنا لكم عليهم سلطانا مبينا أي: حجة بينة، عن السدي، وعكرمة.

وقوله: لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر الآية.

قال ابن عباس : المعنى: لا يستوي القاعدون عن بدر، والخارجون إليها.

[ ص: 330 ] غير أولي الضرر : غير أولي الزمانة، ويروى: أنه لما نزل لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر والمجاهدون في سبيل الله الآية; قام ابن أم مكتوم إلى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فشكا زمانته، فنزلت: غير أولي الضرر .

واستدل القائلون بأن الغنى أفضل من الفقر بهذه الآية.

وكلا وعد الله الحسنى يعني : المجاهدين، وأولي الضرر، و (الحسنى) : الجنة.

وفضل الله المجاهدين على القاعدين أي: من غير ضرر.

و تكرير تفضيل المجاهدين; لأن الأول فيه الجهاد بالنفس والمال ، والثاني: جهاد على الإطلاق; فهما مختلفان.

ابن جريج: الأول: تفضيلهم على أهل الضرر بدرجة واحدة، والثاني :

تفضيلهم على غير أهل الضرر.

أجرا عظيما أي: درجات كثيرة.

[ ص: 331 ] درجات منه أي: بعضها فوق بعض.

قتادة: هي درجات الأعمال: الإسلام، والهجرة، والجهاد.

ابن محيريز: درجات الثواب في الجنة.

إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم الآية; أي: تقبض أرواحهم، الحسن : تحشرهم إلى النار.

الضحاك : هؤلاء قوم أظهروا الإسلام، ولم يهاجروا، وخرجوا إلى بدر مع المشركين، فقتلوا .

وقوله : قالوا فيم كنتم أي: قالت لهم الملائكة: أكنتم في أصحاب رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أم مشركين؟ وهو سؤال توبيخ.

وخبر : (إن) قوله: قالوا فيم كنتم ; على معنى: قالوا لهم: فيم كنتم؟، وقيل : الخبر: فأولئك مأواهم جهنم ، وقيل : الخبر محذوف، والمعنى: هلكوا أو نحوه.

وقوله : إلا المستضعفين من الرجال : قال مجاهد : هم قوم ثبتوا على [ ص: 332 ] الإسلام، ولم يقدروا على الهجرة.

فأولئك عسى الله أن يعفو عنهم : (عسى) : من الله واجبة، وكذلك هي في جميع القرآن، إلا في قوله : عسى ربه إن طلقكن في (التحريم) [5] .

وروي : أن المسلمين كتبوا بقوله: إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم ، إلى من بمكة من المسلمين; فخرجوا مهاجرين، فلحقهم قوم من المشركين، وفتنوهم ، فسموا مستضعفين.

وقيل: إن المراد بـ (المستضعفين) : الشيوخ، والزمنى، ومن لا يقدر على

الهجرة.

وقوله: ولا يهتدون سبيلا أي: لا يجدون طريقا إلى المدينة.

وقوله: ومن يهاجر في سبيل الله الآية.

قال ابن جبير : نزلت في ضمرة بن جندب، كان مصابا ببصره، فقال:

أخرجوني، فأخرج ، فمات في التنعيم.

[ ص: 333 ] وقيل : هو ضمرة بن العيص، وقيل : هو العيص بن ضمرة بن زنباع، وقيل: ضمرة بن خزاعة ، وقيل : ضمرة بن نعيم.

التالي السابق


الخدمات العلمية