التحصيل لفوائد كتاب التفصيل الجامع لعلوم التنزيل

المهدوي - أبو العباس أحمد بن عمار المهدوي

صفحة جزء
الإعراب:

قوله: وكذلك جعلنا في كل قرية أكابر مجرميها : [(جعل): يتعدى إلى مفعولين; لأنه بمعنى: (صير)، فقوله]: (مجرميها): مفعول أول، [ ص: 683 ] و(أكابر):المفعول الثاني.

الله أعلم حيث يجعل رسالته : موضع (حيث): نصب بفعل مضمر دل عليه (أعلم)، وهي اسم، وانتصابها انتصاب المفعول على الاتساع، وكان الأصل: الله أعلم بمواضع رسالاته، ثم حذف الحرف; كما قال: إن ربك هو أعلم من يضل عن سبيله [الأنعام: 117]، وقال في موضع آخر: هو أعلم بمن ضل عن سبيله [النحل: 125].

ولا يجوز أن يعمل (أعلم) في (حيث) ويكون ظرفا; لأن المعنى يكون على ذلك: الله أعلم في هذا الموضع، وذلك لا يجوز أن يوصف به الباري عز وجل.

فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام : الضمير في (يشرح) ضمير اسم الله تعالى; كما قال: ألم نشرح لك صدرك [الشرح: 1]، وأجاز أبو علي أن يكون [ ص: 684 ] الضمير للمهدي.

وتخفيف قوله: (ضيقا): حسب ما تقدم من تخفيف العرب ما جاء على (فيعل).

ومن فتح الراء من قوله: (حرجا); فهو مصدر وصف به; كـ (دنف)، ومن كسرها; فهو اسم الفاعل.

و(ضيقا): مفعول ثان لـ (يجعل)، و (حرجا): نعت له، أو مفعول على التكرير، كما يكون للمبتدأ خبران وأكثر، فكما يجوز: (صدر ضيق حرج); كذلك يجوز بعد دخول (يجعل).

ومن قرأ: (يصعد); [فهو من (صعد)، ومن قرأ: (يصعد) ]; فأصلها: (يتصعد)، وكذلك (يصاعد)، أصلها: (يتصاعد). [ ص: 685 ]

ويوم يحشرهم جميعا : (يوم): منصوب بـ (نقول) المحذوف; التقدير: ويوم نحشرهم نقول: يا معشر الجن...، وقوله: يا معشر الجن قد استكثرتم من الإنس : على تقدير: قد استكثرتم من الاستمتاع بالإنس، فحذف المصدر المضاف إلى المفعول، وحرف الجر; يدل على ذلك قوله: ربنا استمتع بعضنا ببعض .

قال النار مثواكم : يجوز أن يكون (المثوى) اسم مكان، ويجوز أن يكون مصدرا، فإن كان اسم مكان; فالحال من المضاف إليهم، والعامل فيها معنى الإضافة; لأن فيها معنى الفعل، وإن كان (المثوى) مصدرا; لزم تقدير حذف المضاف; كأنه قال: موضع ثوائكم خالدين فيها، فالحال من المضاف إليهم أيضا، والعامل فيها: المصدر; كأنه: يثوون فيها خالدين.

ذلك أن لم يكن ربك مهلك القرى بظلم : موضع (ذلك) رفع; على تقدير: الأمر ذلك، وهو مذهب سيبويه، ويجوز أن يكون نصبا على تقدير: فعل ذلك، (أن): نصب بحذف الجار; [والتقدير: لأن لم يكن ربك، وهي (أن) المخففة من الشديدة، والهاء مضمرة; أي]: لأنه لم يكن.

والتوحيد في (مكانتكم); لأنه مصدر يدل على القليل والكثير من جنسه، والجمع: لاختلاف أنواعه.

[ ص: 686 ] من تكون له عاقبة الدار : يجوز أن تكون (من) استفهاما، فتكون [في موضع رفع بالابتداء، وما بعدها خبرها، ويجوز أن تكون بمعنى: (الذي)، فتكون خبرا] في موضع نصب بـ (تعلمون).

ساء ما يحكمون : (ما): في موضع رفع; على تقدير: ساء الحكم حكمهم.

( وكذلك زين لكثير من المشركين قتل أولادهم شركائهم ): قراءة ابن عامر هذه على التفرقة بين المضاف والمضاف إليه، ومثله قول الشاعر: [من مجزوء الكامل]


فزججتها بمزجة زج القلوص أبي مزاده



يريد: زج أبي مزادة القلوص، والتقدير في الآية: وكذلك زين لكثير من المشركين قتل شركائهم أولادهم.

ومن قرأ: (زين... قتل أولادهم شركاؤهم); فارتفاع قوله: (شركاؤهم) بفعل مضمر دل عليه (زين)، كأنه قال: زينه شركاؤهم لهم.

ومن قرأ: (زين لكثير من المشركين قتل أولادهم شركاؤهم); فهو على تسمية الفاعل، وقوله: (قتل) منصوب بـ (زين)، وهو مصدر [ ص: 687 ] مضاف إلى المفعول، و (أولادهم): مجرور بالإضافة، و (الشركاء): فاعلون لـ (زين)، وفاعل (قتل) محذوف; والتقدير: زين لكثير من المشركين قتلهم أولادهم شركاؤهم، كما قال: لا يسأم الإنسان من دعاء الخير [فصلت: 49]; أي: من دعائه الخير، ولا يكون (الشركاء) فاعل المصدر الذي هو (قتل); لأن (زين) يبقى بغير فاعل، ولأن الشركاء ليسوا القاتلين.

وفتح الحاء، وضمها، وكسرها في (حجر): لغات.

وأما (حرج); فيجوز أن يكون مقلوبا من (حجر)، [ويجوز أن يكون بمعنى: الضيق]، ويجوز أن يكون الحرام، من قولهم: (فلان يتحرج); أي: يضيق على نفسه الدخول فيما يشبه الحرام.

وقالوا ما في بطون هذه الأنعام خالصة لذكورنا : من قرأ بتاء تأنيث ورفع; فـ (ما): ابتداء، و (خالصة): الخبر، والتأنيث للمبالغة في الخلوص، أو على معنى (ما)، ومن قرأ بتاء التأنيث والنصب; فعلى أنه حال من [ ص: 688 ] المضمر في الظرف الذي هو صلة لـ (ما)، وخبر المبتدأ محذوف; كقولك: (الذي في الدار قائما زيد)، ويجوز على مذهب الأخفش أن يكون ذلك حالا من (ما); لأنه يجيز تقديم الحال على العامل فيها إذا كان معنى، بعد أن يتقدم صاحب الحال عليها; كقولك: (زيد قائما في الدار)، وكذلك القول في قراءة من قرأ: (خالصا)، والتأنيث على ما تقدم، والتذكير على لفظ (ما).

وإن يكن ميتة : من قرأ بياء والرفع; فلأن التأنيث غير حقيقي، و (كان) بمعنى: (وقع)، ومن قرأ بتاء والرفع; فعلى لفظ (الميتة)، ومن قرأ بياء والنصب; فإنه جعل في (يكن) ضميرا راجعا إلى (ما) من قوله: (ما في بطون هذه الأنعام)، و (ما): مذكر، فذكر الفعل، ونصب (ميتة); لأن الفعل قد أسند إلى الضمير، فـ (ميتة): خبر (كان) إن كانت الناقصة، أو حال إن كانت التامة، ومن قرأ بالتاء والنصب; فإنه أنث الضمير الذي في [ ص: 689 ] (تكن) وإن كان مسندا إلى مذكر; لأنه الميتة في المعنى.

والنخل والزرع مختلفا أكله : [نصب قوله: (مختلفا) على أنه حال مقدرة; المعنى: أنه أنشأه مقدرا فيه الاختلاف، ونصب )النخل والزرع): على العطف على (جنات)، وكذلك: والزيتون والرمان ، وكذلك: ومن الأنعام حمولة وفرشا مردود على (الجنات).

ثمانية أزواج : يجوز أن ينتصب بإضمار فعل; التقدير: وأنشأ ثمانية أزواج، أو على أنه بدل من (حمولة وفرشا)، أو يكون محمولا على موضع (ما) من قوله: (كلوا مما رزقكم الله); فيكون بدلا من (ما) على الموضع.

وقيل: هو على تقدير: كلوا من لحم ثمانية أزواج; فحذف الفعل والمضاف، وهذا على مذهب من جعلها من الأشياء التي تؤكل لحومها، أو على مذهب من يرى أكل لحوم الخيل، والبغال، والحمر الأهلية.

وفتح الهمزة من (الضأن): لغة مسموعة عند البصريين، وهو مطرد عند الكوفيين في كل ما في ثانيه حرف حلق، وكذلك الفتح والإسكان في [ ص: 690 ] (المعز)، ويجوز أن يكون من أسكن العين من (المعز) جمع (ماعزا) على (معز); كـ (صاحب، وصحب)، ومن فتحها جمع على (معز); كـ (خادم، وخدم).

ومن قرأ: (يطعمه); فهو (يفتعل) من الطعام، وهي في المعنى كقراءة الجماعة.

(إلا أن يكون ميتة): من قرأ بالتاء والرفع; فـ (كان) تامة، والتاء لتأنيث (الميتة)، ومن قرأ بالياء والنصب; جعل في (كان) ضميرا مما تقدم، وهو مذكر; والتقدير: إلا أن يكون الموجود ميتة، ومن قرأ بالتاء والنصب، أنث على المعنى; كأنه قال: إلا أن تكون النفس ميتة.

وقوله: (مسفوحا أو لحم خنـزير... أو فسقا): معطوف على (ميتة) فيمن نصب، أو على (أن) فيمن رفع (ميتة); لأن التقدير: إلا كون ميتة.

ومن قرأ: (ظفر); فهو مخفف من (ظفر)، و (ظفر): يحتمل [ ص: 691 ] أن تكون لغة، وأنكرها أكثر النحويين، وزعموا أنها لم تسمع.

وقوله: (أو الحوايا) يجوز أن تكون (الحوايا) رفعا على الحمل على (حملت)، كأنه قال: إلا ما حملته ظهورهما، أو حملته الحوايا، قاله الكسائي، وغيره.

وقيل: هي نصب على العطف على (ما) في قوله (إلا ما حملت ظهورهما).

وقيل: تقديره: حرمنا عليهم شحومهما إلا شحم ما حملت ظهورهما، أو شحم الحوايا; فحذف المضاف، والمعنى: التحليل.

وقيل: (الحوايا) معطوفة على (الشحوم)، داخلة في التحريم، و (ما) الثانية على هذا القول داخلة في التحريم، معطوفة على (الحوايا)، وتكون على القول الأول داخلة في التحليل.

(ذلك جزيناهم): يجوز أن يكون موضع (ذلك) رفعا على تقدير: الأمر ذلك، أو نصبا بـ (جزيناهم).

التالي السابق


الخدمات العلمية