التحصيل لفوائد كتاب التفصيل الجامع لعلوم التنزيل

المهدوي - أبو العباس أحمد بن عمار المهدوي

صفحة جزء
التفسير:

قوله: قل هلم شهداءكم : (هلم) بمعنى: (هاتوا)، وإذا كانت كذلك [ ص: 695 ] تعدت، وإذا كانت بمعنى: (تعال); لم تتعد، وأهل الحجاز يقولون: (هلم) في كل حال، وأهل نجد يدخلون العلامة كسائر الأفعال.

وأصلها عند الخليل وسيبويه: (ها)، ضمت إليها (لم)، وحذفت الألف، وجعلتا كالكلمة الواحدة.

وقيل: أصلها: (ها المم)، فألقيت ضمة الميم على اللام، وأدغمت، واستغني عن ألف الوصل، وسقطت ألف (ها); لالتقاء الساكنين.

وقيل: أصلها: (هل)، زيدت عليها (لم)، وحذفت إحدى اللامين.

وقيل: هي على لفظها، تدل على معنى: (هات). ومعنى الآية: [هلم شهداء من عندكم يشهدون بصحة قولكم.

قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم : قال ابن عباس: هذه الآيات الثلاث هي الآيات المحكمات التي ذكر الله تعالى في (آل عمران).

و(الإملاق): الفقر.

وقوله: ولا تتبعوا السبل : قال مجاهد: يعني: البدع، قال: و (صراط الله المستقيم): الإسلام، والسنة.

ثم آتينا موسى الكتاب تماما على الذي أحسن : [جاءت (ثم) ههنا على معنى إضمار القول; كأنه قال: ثم قل: آتينا موسى الكتاب; يدل عليه قوله: [ ص: 696 ] قل تعالوا أتل ، فـ (ثم): لترتيب ما أمر به من القول.

وقال الحسن في معنى قوله: تماما على الذي أحسن ]: كان فيهم محسن وغير محسن، فأنزل الله الكتاب تماما على المحسن.

ابن زيد: المعنى: تماما على الإحسان الذي أحسن إليهم، إذ هداهم إلى الإيمان بموسى، وعنه أيضا: تماما على إحسان الله إلى أنبيائه.

قتادة: يتمم كرامته في الجنة تماما على إحسانه في الدنيا.

الربيع بن أنس: تماما على إحسان موسى بطاعته لله تعالى، وقاله الفراء.

وقيل: المعنى: تماما على إحسان الله عز وجل إلى موسى بالنبوة وغيرها.

وقوله: أن تقولوا إنما أنـزل الكتاب على طائفتين من قبلنا أي: [وهذا كتاب أنزلناه كراهة أن] تقولوا: إنما أنزل الكتاب على اليهود والنصارى، ولم ينزل علينا كتاب.

[ ص: 697 ] وقوله تعالى: أو تقولوا لو أنا أنـزل علينا الكتاب لكنا أهدى منهم : معطوف على ما تقدم.

وقوله تعالى: هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة أو يأتي ربك أو يأتي بعض آيات ربك : [قد تقدم معنى (أو يأتي ربك)، ومجازه، و (إتيان الملائكة): يعني: بالموت.

أو يأتي بعض آيات ربك ]: قال ابن مسعود، وغيره: يعني: طلوع الشمس من مغربها.

وروى أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم: أن الآيات التي لا ينفع الإيمان بعدها: «طلوع الشمس من مغربها، والدجال، ودابة الأرض»، وعنه صلى الله عليه وسلم أيضا أنه قال: «باب التوبة مفتوح من قبل المغرب، عرضه مسيرة سبعين عاما، فإذا طلعت الشمس منه; لم يقبل لأحد توبة»،وتلا هذه الآية.

وقوله تعالى: أو كسبت في إيمانها خيرا : (كسب الخير في الإيمان): الاستكثار من عمل البر في النوافل بعد أداء الفرائض.

السدي: لا ينفعه إيمانه حينئذ، وإن اكتسب فيه خيرا، إلا أن يكون ممن [ ص: 698 ] آمن قبل ذلك.

إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا : قال أبو هريرة: هي في أهل الضلالة من هذه الأمة، وقيل: هي في الخوارج.

مجاهد: هي في اليهود; لأنهم مالئوا عبدة الأوثان على المسلمين.

قتادة: هي في اليهود والنصارى; لأن بعض كل فرقة منهم تكفر بعضا.

الحسن: هي في جميع المشركين، وقيل: هي في كل مبدع.

وقوله: من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها الآية.

قيل: (الحسنة): لا إله إلا الله، و (السيئة): الشرك، وقيل: يعني: الحسنات والسيئات في الأعمال.

[وفي الخبر: «أن المجازى يعطى عشرة أضعاف ما كان عنده أنه النهاية في المجازاة» ].

[ ص: 699 ] وقيل: التقدير: عشر حسنات أمثال حسنته، ويزيد الله في التضعيف لمن يشاء.

وقوله: قل إنني هداني ربي إلى صراط مستقيم دينا قيما أي: مستقيما، ومن قرأ: (قيما); فهو مصدر; كـ (الصغر) و (الكبر).

وقوله: قل إن صلاتي ونسكي ومحياي : (النسك): جمع (نسيكة); وهي الذبيحة، وكذلك قال مجاهد، وسعيد بن جبير، وغيرهما: المعنى: ذبيحتي في الحج والعمرة.

الحسن: (نسكي): ديني.

الزجاج: (عبادتي، ومنه: الناسك الذي يتقرب إلى الله بالعبادة.

وأنا أول المسلمين أي: من هذه الأمة، عن الحسن، وقتادة، وغيرهما.

قل أغير الله أبغي ربا : لفظه لفظ الاستفهام، ومعناه: الإنكار.

ولا تكسب كل نفس إلا عليها : [أي: لا ينفعني في ابتغاء رب غير الله كونكم على ذلك; إذ لا تكسب كل نفس إلا عليها]، فلست أعذر [ ص: 700 ] باكتسابكم الإثم إن اكتسبته.

ولا تزر وازرة وزر أخرى أي: لا تحمل نفس وزر نفس أخرى.

ومعنى جعلكم خلائف الأرض يعني: أن كل أمة يخلفون من كان قبلهم، و (خلائف): جمع (خليفة).

ورفع بعضكم فوق بعض درجات أي: فضل بعضكم على بعض في الرزق.

ليبلوكم في ما آتاكم أي: ليختبركم فيما أعطاكم; ليقع منكم ما يقع به الثواب والعقاب، ولم يزل يعلمه غيبا.

إن ربك سريع العقاب : لمن عصاه، وإنه لغفور رحيم : لمن أطاعه.

وجاء في الخبر: «أن سورة الأنعام نزل معها سبعون ألف ملك، مع آية واحدة منها اثنا عشر ألف ملك; وهي: وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو [59] الآية»، «ونزلت سورة الأنعام جملة». [ ص: 701 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية