التفسير: 
قوله تعالى: 
إنه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم  : {قبيله}: جنوده، قال 
 nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد   : يعني: الجن والشياطين، وقيل {قبيله}: خيله، 
 nindex.php?page=showalam&ids=16327ابن زيد   : {قبيله}: نسله.  
[ ص: 26 ] إنا جعلنا الشياطين أولياء للذين لا يؤمنون يعني: أنه جعل الشياطين يتولون الكافرين، ويزيدون في غيهم؛ عقوبة لهم على كفرهم. 
وقيل: المعنى: إنا سوينا بين الشياطين والكفار في عصيان الله عز وجل. 
وفي هذه الآية -في قول بعض العلماء- دليل على أن 
الجن لا يرون؛ لقوله: 
من حيث لا ترونهم ، وقيل: جائز أن يروا؛ لأن الله تعالى إذا شاء أن يريهم كشف أجسامهم حتى ترى، وقد جاءت في رؤيتهم أخبار صحيحة. 
وقوله: 
وإذا فعلوا فاحشة قالوا وجدنا عليها آباءنا والله أمرنا بها  : (الفاحشة) في قول أكثر المفسرين: طوافهم عراة، وقال 
 nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن   : هي الشرك والكفر. 
وقوله: 
والله أمرنا بها  : توهموا أن آباءهم لم يكونوا عليها إلا بأمر الله عز وجل. 
 nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن   : معناه: أنهم قالوا: لو كره الله ما نحن عليه؛ لنقلنا عنه. 
كما بدأكم تعودون فريقا هدى وفريقا حق عليهم الضلالة  : قال 
 nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد  ، وغيره: من بدئ سعيدا؛ عاد سعيدا، ومن بدئ شقيا؛ عاد شقيا. 
وعن 
 nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس   : أن المعنى: كما خلقكم أولا تعودون بعد الفناء؛ يعني: من الشقاوة، أو السعادة، وهذا نحو القول المتقدم عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد   . 
وقيل: المعنى: كما بدأكم أول مرة كذلك يعيدكم؛ لأنهم أنكروا البعث.  
[ ص: 27 ] وقيل: المعنى: أن 
الناس يحشرون حفاة عراة غرلا؛ والوقف على هذا القول والقول الذي قبله يحسن على {تعودون}، ولا يحسن عليه على القولين الأولين. 
يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد الآية: 
روي: أنهم كانوا يطوفون عراة، ويحرمون الودك ما أقاموا بالموسم، فقيل لهم: 
يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربوا ولا تسرفوا ؛ أي: لا تسرفوا في تحريم ما لم يحرم عليكم. 
 nindex.php?page=showalam&ids=16327ابن زيد   : معنى 
ولا تسرفوا  : لا تأكلوا حراما. 
قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق  : {الطيبات} المستلذ من الطعام، وقيل: الحلال، وقيل: هو عام في كل مباح، وقيل: هو في لبس الثياب في الطواف. 
 nindex.php?page=showalam&ids=14888الفراء   : كانت قبائل العرب لا يأكلون اللحم أيام حجهم، ويطوفون عراة؛ فنزلت الآية. 
 nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة   : يعني بذلك: ما حرموه من البحائر والسوائب. 
وقوله: 
قل هي للذين آمنوا في الحياة الدنيا خالصة يوم القيامة  : قال 
 nindex.php?page=showalam&ids=14676الضحاك  ، وغيره: يشترك فيها المسلمون والمشركون في الدنيا، وتخلص للمسلمين في الآخرة. 
وقوله: 
ولكل أمة أجل أي: وقت موقت. 
وقوله: 
لا يستأخرون ساعة  : خصت (الساعة) بالذكر؛ لأنها أقل أسماء الأوقات، والمعنى: لا يستأخرون عنه ساعة، ولا أقل من ساعة.  
[ ص: 28 ] وقوله: 
أولئك ينالهم نصيبهم من الكتاب يعني: ما قدر لهم من خير أو شر، عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس   . 
 nindex.php?page=showalam&ids=13033ابن جبير   : ما قدر لهم من الشقوة والسعادة. 
 nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن  ، 
وأبو صالح:  ينالهم نصيبهم من العذاب بقدر كفرهم. 
 nindex.php?page=showalam&ids=16327ابن زيد  ، وغيره: المعنى في 
نصيبهم من الكتاب  : الرزق والعمل. 
وقيل: المعنى: ينالهم ما كتب لهم من سواد الوجوه، وزرقة العيون. 
وقيل: هو ما ينالهم في الدنيا من العذاب، دون الآخرة. 
واختيار 
 nindex.php?page=showalam&ids=16935الطبري  أن يكون المعنى: ما كتب لهم من خير وشر، ورزق وعمل، وأجل، قال: ألا ترى أنه أتبع ذلك بقوله: 
حتى إذا جاءتهم رسلنا يتوفونهم ؛ يعني: رسل ملك الموت. 
وقيل: المعنى: حتى إذا جاءتهم رسل العذاب يتوفونهم عذابا؛ فهو كقولك: (قتلته بالعذاب)، والأول من استيفاء العدد. 
وشهدوا على أنفسهم أنهم كانوا كافرين أي: أقروا على أنفسهم بالكفر.  
[ ص: 29 ] قال ادخلوا في أمم قد خلت من قبلكم من الجن والإنس في النار الآية: 
قيل: {في} بمعنى: (مع)، وقيل: هي على بابها؛ والمعنى: ادخلوا في جملتهم. 
ومعنى قوله: 
لعنت أختها  : أخوة الملة. 
حتى إذا اداركوا فيها جميعا أي: تلاحقوا. 
وقوله: 
عذابا ضعفا من النار  : (الضعف): المثل الزائد على مثله، وعن 
 nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود   : أن (الضعف) ههنا: الأفاعي والحيات. 
وقوله: 
ولكن لا تعلمون أي: ولكن لا تعلمون يا أهل الدنيا مقدار ما أعد لكم من العذاب؛ فلذلك تسألون الضعف، ومن قرأ: {لا يعلمون} ؛ بالياء؛ فالمعنى: لا يعلم كل فريق مقدار عذاب الفريق الآخر. 
وقوله: 
فما كان لكم علينا من فضل أي: لأنكم كفرتم كفرنا، فأنتم مثلنا. 
وقوله: 
لا تفتح لهم أبواب السماء قيل: معناه: لا تفتح لهم أبواب الجنة؛ لأن الجنة في السماء، ودل على ذلك قوله تعالى: 
ولا يدخلون الجنة  . 
 nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد  ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=12354والنخعي   : لا تفتح أبواب السماء لدعائهم وأعمالهم.  
[ ص: 30 ]  nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج   : لا لأعمالهم، ولا لأرواحهم، وعن النبي صلى الله عليه وسلم أحاديث فيها: 
 "أنها لا تفتح لأرواحهم". ولا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط أي: لا يدخلونها ألبتة، وهذا مستعمل في كلام العرب، و 
سم الخياط  : ثقب الإبرة. 
عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس  ، وغيره: وكل ثقب في البدن يسمى (سما)، و (سما)، وجمعه: (سموم)، وجمع (السم) القاتل: (سمام). 
و {الخياط} و (المخيط): الإبر؛ كما يقال: (إزار، ومئزر). 
و {الجمل}: واحد الإبل، وفيه وجوه من القراءات مذكورة في موضعها. 
لهم من جهنم مهاد أي: فراش. 
ومن فوقهم غواش أي: غاشية من العذاب فوق غاشية. 
وكذلك نجزي الظالمين يعني: الكفار. 
ونـزعنا ما في صدورهم من غل  : (الغل): الحقد، قال النبي صلى الله عليه وسلم: 
 "الغل على باب الجنة كمبارك الإبل، قد نزعه الله تعالى من قلوب المؤمنين".  [ ص: 31 ] وقالوا الحمد لله الذي هدانا لهذا أي: إلى العمل الذي صيرنا إلى هذا. 
ونودوا أن تلكم الجنة أي: بأن تلكم الجنة، ويجوز أن تكون {أن} مفسرة للنداء؛ كأنه قال: قيل لهم: 
تلكم الجنة ؛ أي: هذه الجنة التي وعدتم بها في الدنيا، ويجوز أن يكونوا لما رأوها قيل لهم: تلكم الجنة، قبل أن يدخلوها. 
ومعنى 
أورثتموها بما كنتم تعملون  : أورثتم منازلها، ودخولهم إياها برحمة الله عز وجل. 
وقيل: الدخول برحمة الله تعالى، وتلك الرحمة إنما تدرك بالعمل، فيكون معنى 
أورثتموها بما كنتم تعملون  : أنهم نالوا الرحمة التي بها دخلوا الجنة بأعمالهم، وقال: {أورثتموها} ؛ لأنهم ورثوا منازل أهل النار التي كانت تكون لهم لو أنهم أطاعوا الله عز وجل، روي معنى ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم.