التحصيل لفوائد كتاب التفصيل الجامع لعلوم التنزيل

المهدوي - أبو العباس أحمد بن عمار المهدوي

صفحة جزء
الإعراب:

تقدم القول في: (الريش)، و (الرياش).

[ ص: 34 ] {ولباس التقوى} ؛ بالنصب على العطف على قوله: {لباسا} و {ريشا}، وقوله: ذلك خير : ابتداء وخبر.

والرفع يحتمل وجهين:

أحدهما: أن يكون مبتدأ، و {ذلك}: صفة له، و {خير}: خبر الابتداء؛ فالمعنى: ولباس التقوى المشار إليه خير.

والثاني: أن يكون مرفوعا بإضمار (هو) ؛ التقدير: وهو لباس التقوى؛ أي: ستر العورة لباس التقوى، ثم قال: ذلك خير .

ويحتمل أيضا إذا قدرت (اللباس) مبتدأ أن يكون {ذلك} بمعنى: (هو) ؛ كأنه قال: ولباس التقوى هو خير.

فريقا هدى : {فريقا}: منصوب بـ {هدى}، و {فريقا} الثاني: منصوب بإضمار فعل دل عليه حق عليهم الضلالة ، التقدير: وأضل فريقا حق عليهم الضلالة.

ويجوز أن يكون نصبهما على الحال من المضمر في {تعودون} ؛ أي: تعودون فريقين: فريقا هدى؛ وفريقا حق عليهم الضلالة.

قل هي للذين آمنوا في الحياة الدنيا خالصة يوم القيامة : من رفع {خالصة} ؛ [ ص: 35 ] فعلى أنها خبر مبتدأ، والمبتدأ قوله: {هي} من قوله: قل هي للذين آمنوا ، ويجوز أن يكون للذين آمنوا خبر الابتداء؛ فيكون للابتداء خبران، واللام متعلقة بمحذوف؛ التقدير: قل هي ثابتة للذين آمنوا.

ومن نصب {خالصة} ؛ فعلى الحال من الضمير الذي في الظرف الذي هو {للذين}، وذلك الضمير يعود على {هي} من قوله: قل هي للذين آمنوا التي هي المبتدأ؛ التقدير: قل هي ثابتة للذين آمنوا في حال خلوصها لهم يوم القيامة، فالعامل معنى الفعل الذي في اللام من قوله: للذين آمنوا ، وهو الاستقرار الذي قام للذين آمنوا مقامه.

الفراء : العامل في الحال لام محذوفة؛ كأنه قال: وهي لهم خالصة يوم القيامة.

فأما قوله: في الحياة الدنيا ؛ فيجوز أن يتعلق بـ {حرم} ؛ التقدير: حرم ذلك في الحياة الدنيا، أو بـ {أخرج} من قوله: أخرج لعباده ، أو {الرزق} ؛ أي: والطيبات من الرزق في الحياة الدنيا، أو بـ {الطيبات} ؛ أي: المباحات في الحياة الدنيا.

ولا يتعلق بـ {زينة} ؛ لأنه مصدر منعوت بقوله: التي أخرج لعباده ؛ فإذا نعت المصدر، واسم الفاعل؛ لم يعملا؛ لخروجهما عن شبه الفعل، ولما فيه من [ ص: 36 ] التفرقة بين الصلة والموصول؛ لأن معمول المصدر في صلته، ونعته ليس في صلته؛ فإذا قدمت النعت على المعمول؛ قدمت ما ليس في الصلة على ما هو في الصلة.

قال ادخلوا في أمم : يحتمل أن يكون في أمم متعلقا بقوله: {ادخلوا} ؛ فيكون كالظرف له، ويجوز أن يكون متعلقا بمحذوف، فيكون في موضع الحال من الضمير.

و قد خلت : صفة لـ {أمم}، و من قبلكم : متعلق بـ {خلت}، المعنى: أمم تقدموكم.

وقوله: من الجن والإنس : متعلق بمحذوف صفة لـ {أمم}، ولا يتعلق بـ {خلت} نفسه؛ لتعلق حرف الجر به، ويجوز أن يتعلق بمحذوف، على أن يكون حالا من الضمير في {خلت}.

وقوله: في النار يحتمل أن يكون وصفا لـ {أمم}، فيتعلق بمحذوف؛ كأنه قال: في أمم من النار، ويجوز أن يكون حالا من الذكر الذي في {خلت}.

وقوله: حتى إذا اداركوا فيها جميعا : من أثبت الألف من {إذا}، وجمع بينها وبين الدال ساكنين؛ فهو على تشبيه المنفصل بالمتصل؛ نحو: (دابة)، وشبهه، قد حكي: (التقت حلقتا البطان) ؛ بإثبات الألف، وحكي: (هذان عبدا الله)، و (له ثلثا المال)، ونظيره كثير، ومن قطع الهمزة من إذا اداركوا في الوصل؛ [ ص: 37 ] فكأنه سكت على {إذا} للتذكر؛ فلما طال سكوته؛ قطع ألف الوصل، كالمبتدئ بها، وقد جاء في الشعر قطع ألف الوصل؛ نحو قوله: [من الرجز]


يا نفس صبرا كل حي لاق وكل إثنين إلى افتراق

ومن قرأ: {حتى إذا ادركوا} ؛ فهو (افتعلوا)، وقراءة الجماعة: {اداركوا} على (تفاعلوا)، وذلك ظاهر.

والتشديد والتخفيف في {تفتح}، والياء والتاء؛ على ما تقدم في نظائره.

وقوله: حتى يلج الجمل : {الجمل} معروف، و {الجمل}: مخفف منه، وقد جاء التخفيف في المفتوح، وقد تقدم القول في مثله.

ومن قرأ: {الجمل} ؛ فهو جمع (جمل) ؛ كـ (أسد وأسد)، و {الجمل} مثل: (أسد وأسد).

و {الجمل}، و {الجمل} في التشديد والتخفيف: حبل السفينة، [ ص: 38 ] وقيل: الحبل الغليظ من القـنب، وقيل: الحبل الذي يصعد به في النخل، وقيل: الحبال المجموعة.

وفتح السين وضمها في سم الخياط : لغتان.

ومن فوقهم غواش : دخول التنوين في {غواش} ؛ لنقصانه عن مثل (مفاعل) ؛ وذلك أنه لما كان جمعا، والجمع أثقل من الواحد، مع أنه الجمع الذي تتناهى إليه الجموع، فازداد ثقلا؛ خفف بحذف يائه، فنقص بحذف الياء عن مثال (مفاعل)، وصار على مثال (جناح)، وشبهه، فأدخل التنوين عوضا من الياء المحذوفة، والياء وإن كانت في تقدير الثبات؛ بدليل وجودها في حال النصب؛ فإن المراعى في هذا الباب اللفظ، فإذا زال اللفظ الموجب لترك الصرف؛ وجب أن يلحق التنوين؛ ولذلك قالوا: (ذلذل) ؛ فنونوا وإن كانوا أرادوا (ذلاذل) ؛ حيث زال البناء المانع من الصرف.

وذهب سيبويه : إلى أن التنوين عوض من ذهاب حركة الياء، ويجوز الوقف بالياء، وبغير ياء.

والذين آمنوا وعملوا الصالحات لا نكلف نفسا إلا وسعها : [خبر {الذين}:

[ ص: 39 ] أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون ، وقوله: لا نكلف نفسا إلا وسعها : اعتراض بين المبتدأ وخبره، والعائد على {الذين} اسم الإشارة الذي هو {أولئك}، ويجوز أن تكون لا نكلف نفسا إلا وسعها خبرا عن {الذين}، ويقدر حذف العائد؛ كأنه قال: لا نكلف نفسا منهم ولا من غيرهم إلا وسعها.

وقوله: ونـزعنا ما في صدورهم من غل تجري من تحتهم الأنهار [قوله: تجري من تحتهم الأنهار ]: في موضع نصب على الحال.

ونودوا أن تلكم الجنة : موضع {أن} يحتمل أن يكون نصبا؛ على تقدير: نودوا بأن تلكم الجنة، ويجوز أن تكون مفسرة.

* * *

التالي السابق


الخدمات العلمية