التحصيل لفوائد كتاب التفصيل الجامع لعلوم التنزيل

المهدوي - أبو العباس أحمد بن عمار المهدوي

صفحة جزء
التفسير:

{المعذرون} قيل: أصله: (المعتذرون) ، قال مجاهد، وقتادة: هم [ ص: 292 ] نفر من غفار، جاؤوا فاعتذروا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فلم يقبل منهم؛ لعلمه بأن اعتذارهم باطل، وقيل: هو من (عذر في الأمر) ؛ إذا قصر.

وقعد الذين كذبوا الله ورسوله يعني؛ المنافقين.

وقوله تعالى: ليس على الضعفاء ولا على المرضى الآية:

أي: ليس على هؤلاء المذكورين إثم في التخلف.

وروي: أن عبد الله بن المغفل أتى النبي صلى الله عليه وسلم في رهط، فقالوا: يا رسول الله؛ احملنا، فقال: "لا أجد ما أحملكم عليه"، فتولوا وأعينهم تفيض من الدمع حزنا على ذلك.

وقيل: كانوا من بني مقرن من مزينة، قاله مجاهد.

الحسن: نزلت في أبي موسى الأشعري وأصحابه.

وقوله: وسيرى الله عملكم أي: سيجازيكم عليه.

وقوله تعالى: الأعراب أشد كفرا ونفاقا قال قتادة: لأنهم أبعد عن معرفة السنن.

قال غيره: لأنهم أقصى، وأجفى، وأبعد عن سماع التنزيل.

وقوله تعالى: وأجدر ألا يعلموا حدود ما أنـزل الله على رسوله : {أجدر} : من قولهم: (أنت جدير بكذا) ؛ أي: خليق به، وقيل: إنه مشتق من (جدر الحائط) ؛ [ ص: 293 ] وهو رفعه بالبناء، ولا بد في (جدير بكذا) من الباء، ويجوز حذفها مع (أن) .

وقوله تعالى: ومن الأعراب من يتخذ ما ينفق مغرما أي: غرما وخسرانا، وأصله: لزوم الشيء، ومنه: إن عذابها كان غراما [الفرقان: 65]؛ أي: لازما.

وقوله تعالى: ويتربص بكم الدوائر يعني: ما يدور به الزمان من المكروه.

عليهم دائرة السوء أي: دائرة البلاء والمكروه.

وقوله تعالى: ومن الأعراب من يؤمن بالله واليوم الآخر الآية:

يروى: أن المراد بذلك: بنو مقرن من مزينة، و (القربة) : ما يتقرب به إلى الله عز وجل.

ومعنى وصلوات الرسول : استغفاره، عن ابن عباس، والحسن.

قتادة: دعاؤه بالخير والبركة.

ألا إنها قربة لهم يعني: نفقاتهم.

وقوله تعالى: والسابقون الأولون : قال ابن المسيب، والحسن، وابن سيرين: هم الذين [صلوا القبلتين].

الشعبي: هم الذين بايعوا بيعة الرضوان؛ وهي بيعة الحديبية.

عطاء: هم أهل بدر.

الشافعي: (المهاجرون الأولون) : من هاجر قبل بيعة الرضوان، والسابقون الأولون : من أدرك بيعة الرضوان.

[ ص: 294 ] وقوله تعالى: وممن حولكم من الأعراب منافقون يعني: من مزينة.

وقوله: ومن أهل المدينة مردوا على النفاق : قيل: المعنى: ومن أهل المدينة قوم مردوا على النفاق.

وقيل: في الكلام تقديم وتأخير؛ والمعنى: وممن حولكم من الأعراب منافقون مردوا على النفاق، ومن أهل المدينة مثل ذلك.

ومعنى {مردوا} : أقاموا، ولم يتوبوا، عن ابن زيد.

غيره: المعنى: لجوا فيه، وأبوا غيره، وأصله: التجرد، فكأنهم تجردوا للنفاق.

وقوله تعالى: سنعذبهم مرتين : قيل: أحد العذابين: الفضيحة؛ بإطلاع النبي صلى الله عليه وسلم عليهم، والآخر: عذاب القبر.

الحسن، وقتادة: عذاب القبر، وعذاب الدنيا.

مجاهد: الجوع والقتل.

الفراء: القتل وعذاب القبر.

وقيل: السباء والقتل.

ابن زيد: الأول: عذابهم بالمصائب في أموالهم وأولادهم، والثاني: عذاب القبر.

[وقيل: الأول: أخذ الزكاة من أموالهم، وإجراء الحدود عليهم، والثاني: عذاب القبر].

[ ص: 295 ] وقوله تعالى: وآخرون اعترفوا بذنوبهم : قال ابن عباس: نزلت في عشرة تخلفوا عن غزوة تبوك، فأوثق سبعة منهم أنفسهم في سواري المسجد، وقال بنحوه قتادة، قال: وفيهم نزل: خذ من أموالهم صدقة الآية.

وقيل: كانوا ستة، ربط منهم أنفسهم في سواري المسجد ثلاثة؛ وهم أبو لبابة بن عبد المنذر، وأوس بن حرام، ووداعة بن ثعلبة.

وقيل: هم الثلاثة الذين خلفوا المذكورون بعد هذا.

وقيل: بل الثلاثة الذين خلفوا غيرهم؛ وهم كعب بن مالك، ومرارة بن الربيع - وقيل: بن ربعي - العمري، وهلال بن أمية، قاله مجاهد، وغيره.

وعن ابن عباس أيضا: لما تاب الله عز وجل على أبي لبابة وصاحبيه الذين ربطوا أنفسهم؛ بقي الثلاثة الذين لم يربطوا أنفسهم لم يذكروا بشيء؛ فضاقت عليهم الأرض بما رحبت؛ فأنزل الله تعالى فيهم: وآخرون مرجون لأمر الله الآية، وأنزل الله فيهم: وعلى الثلاثة الذين خلفوا الآية.

وقوله تعالى: خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا : قيل: (العمل الصالح) : لحوقهم بالنبي صلى الله عليه وسلم، و (السيئ) : تخلفهم عنه، وقيل: (الصالح) : شهودهم بدرا.

وقوله: عسى الله أن يتوب عليهم : {عسى} من الله تعالى واجبة.

وقوله: ألم يعلموا أن الله هو يقبل التوبة عن عباده ويأخذ الصدقات : قيل:

[ ص: 296 ] معنى (يأخذها) : يقبلها، ويجازي عليها.

وقيل: جعل أخذ النبي صلى الله عليه وسلم لها أخذا لله تعالى على الاتساع.

وقوله تعالى: إما يعذبهم وإما يتوب عليهم : خاطب الله تعالى العباد بما جرت به عادتهم؛ والمعنى: هم عندكم على هذا، والله عالم بما يكون من الأمرين.

التالي السابق


الخدمات العلمية