التحصيل لفوائد كتاب التفصيل الجامع لعلوم التنزيل

المهدوي - أبو العباس أحمد بن عمار المهدوي

صفحة جزء
الإعراب:

فسوف تعلمون من يأتيه عذاب يخزيه : موضع {من} رفع بالابتداء، و {يأتيه} : الخبر، و {يخزيه} : صفة لـ {عذاب} ، و {تعلمون} ههنا من باب (علمت) المتعدية إلى مفعولين، [وجاز التعليق في المتعدي إلى مفعولين؛ كما جاز فيه الإلغاء]، وأما قوله: سوف تعلمون من يأتيه عذاب يخزيه ومن هو كاذب ؛ فقوله: ومن هو كاذب ؛ فيه معطوف على {من} الأولى، [ ص: 414 ] وهي استفهام، وقوله: هو كاذب : جملة في موضع رفع؛ بأنها خبر المبتدأ الذي هو {من} ؛ فهو كقولك: (زيد أبوه منطلق) ، ولا يكون صلة؛ كما لم يكن المعطوف عليه صلة، واستدل أبو علي على أن {من} ليست بموصولة بقوله: فسيعلمون من أضعف ناصرا [الجن: 24]؛ [فجاء بغير (هو) .

الطبري: {من} الثانية معطوفة على الهاء في {يخزيه} ؛ والمعنى: يخزي من هو كاذب].

وأجاز بعضهم أن تكون {من} موصولة، وموضعها نصبا بـ {تعلمون} ، و {من} الثانية معطوفة عليها.

وقوله: من كل زوجين اثنين : من نون (كلا) ؛ فقوله: {زوجين} مفعول {احمل} ، ومن أضاف؛ فقوله: {زوجين} مجرور بالإضافة، والقراءتان ترجعان إلى معنى.

{وقال اركبوا فيها بسم الله مجراها ومرساها} : يجوز أن تكون بسم الله حالا من الضمير الذي في {اركبوا} إذا لم يجعل الظرف خبرا مقدما عن [ ص: 415 ] {مجراها} ، لكنه على حد قولك: (خرج بثيابه) ، وشبهه؛ فالمعنى: اركبوا متبركين باسم الله تعالى، ومتمسكين بذكره، فيكون في (اسم الله) ضمير يعود إلى المأمورين، والمصدر متعلق بما في بسم الله من معنى الفعل، وجاز تعلقه به؛ لأنه يكون ظرفا؛ على نحو: (مقدم الحاج) ، و (خفوق النجم) ؛ فكأنه قال: متبركين باسم الله في وقت الجري والرسو، أو الإجراء والإرساء، فـ {مجراها} -على ما تقدم- مصدر عمل فيه المعنى.

فإن قدرت بسم الله خبرا مقدما عن {مجراها} ، أو مرتفعا بالظرف؛ لم يكن قوله: {بسم الله مجراها} إلا جملة في موضع الحال من الضمير الذي في {فيها} ، ولا يكون من الضمير في {اركبوا} ؛ لأنه لا ذكر فيه يرجع إلى الضمير، ألا ترى أن الظرف في قول من رفع بالظرف- قد ارتفع به الظاهر؟ وفي قول من رفع بالابتداء؛ قد حصل في الظرف ضمير المبتدأ، فتخلو الجملة من ذكر يعود من الحال إلى ذي الحال.

ومن ضم الميمين؛ فالمعنى: إجراؤها وإرساؤها، ومن فتحهما؛ فالمعنى: جريها ورسوها، وموضع الاسمين رفع أو نصب، على ما تقدم.

[ ص: 416 ] ومن قرأ: {مجريها ومرسيها} ؛ فهما اسما الفاعل، من (أجرى) ، و (أرسى) ، وموضعهما جر على النعت لاسم الله تعالى أو رفع؛ على تقدير: هو مجريها ومرسيها.

وقوله: ونادى نوح ابنه : من قرأ: {ابنها} ؛ أراد ابن امرأته، وكذلك معنى قراءة من قرأ: {ابنه} ؛ بفتح الهاء، وحذف الألف كما حذفها الشاعر في قوله: [من البسيط].


إما تقود به شاة فتأكلها أو أن تبيعه في بعض الأراكيب

ومن قرأ: {ابناه} ؛ فهو على الندبة؛ والمعنى: قال له: يا بناه؛ على النداء، ولو أراد حقيقة الندبة؛ لقال له: (يا بناه) ، أو (وا بناه) ؛ كما يقال: (يا زيداه) ، أو (وا زيداه) .

ومن قرأ: {ابنه} ؛ بالإسكان؛ فهو على ما سيأتي القول فيه من إسكان هاء الكناية، عند ذكر الأصول إن شاء الله تعالى.

[ ص: 417 ] وقوله: {يا بني اركب معنا} : أصل {يا بني} أن يكون بثلاث ياءات: ياء التصغير، ولام الفعل، وياء الإضافة، فأدغمت ياء التصغير في لام الفعل، وكسرت لام الفعل من أجل ياء الإضافة، وحذفت ياء الإضافة؛ لوقوعها موقع التنوين، أو لسكونها وسكون الراء في هذا الموضع، هذا أصل قراءة من كسر الياء، وهو أيضا أصل قراءة من فتح، إلا أنه قلب ياء الإضافة ألفا؛ لخفة الألف، ثم حذف الألف؛ لكونها عوضا من حرف يحذف، أو لسكونها وسكون الراء.

وتقدم القول في {من} من قوله: إلا من رحم ، وفي قوله: إنه عمل غير صالح .

ومن خفف الياء من {الجودي} ؛ فهي لغة، وأكثر ما تأتي في الشعر؛ كقوله:

[من الكامل]


بكي بعينك واكف القطر     ابن الحواري العالي الذكر

[ ص: 418 ] قوله تعالى: {فلا تسألن ما ليس لك به علم} : من كسر النون؛ فهو على الإضافة، [والياء المحذوفة هي المفعول الأول، وقوله: ما ليس لك به علم : الثاني]، ومن فتح؛ لم يضف، وهما متقاربان، [ولم يعد من فتح النون الفعل إلا إلى مفعول واحد؛ وهو الموصول، والمعنى على التعدية إلى ثان.

ومن شدد النون؛ فهي النون الشديدة، دخلت مع النهي، وحذفت إحدى النونات، وقراءة من كسر مع التشديد يجوز أن تكون النون الخفيفة دخلت على النون التي تصحب ياء الإضافة]، ومن خففها؛ فهي التي تصحب ياء الإضافة، وليست في الفعل نون شديدة.

وقوله: وأمم سنمتعهم : ارتفاعه على معنى: وتكون أمم، وأجاز الفراء النصب؛ على معنى: ونمتع أمما.

يرسل السماء عليكم مدرارا : قوله: {مدرارا} : حال من {السماء} ، وحذف الهاء على معنى النسب.

[ ص: 419 ] ويستخلف ربي قوما غيركم : من رفع؛ فهو مستأنف، أو معطوف على ما يجب أن يكون بعد الفاء من قوله: فقد أبلغتكم ما أرسلت به ، ومن جزم؛ حمله على موضع الفاء وما بعدها، ويجوز في ولا تضرونه في غير القرآن نحو ذلك.

فذروها تأكل في أرض الله : الجزم على جواب الأمر، ويجوز الرفع على الاستئناف؛ كأنه قال: فإنها تأكل، أو فذروها آكلة.

{ومن خزي يومئذ} : من لم يضف بناه؛ لأنه ظرف زمان، وليس الإعراب في ظرف الزمان متمكنا، فلما أضيف إلى غير معرب؛ بني.

قال أبو حاتم: (يوم) و (إذ) بمنزلة (خمسة عشر) .

ومن أضاف؛ فعلى الاتساع في الظرف، ومن نون؛ نصب {يومئذ} على الظرف.

التالي السابق


الخدمات العلمية