التحصيل لفوائد كتاب التفصيل الجامع لعلوم التنزيل

المهدوي - أبو العباس أحمد بن عمار المهدوي

صفحة جزء
الإعراب:

{قرآنا}: منصوب على الحال؛ كأنه قال: أنزلناه مجموعا، و {عربيا}: نعت لقوله: {قرآنا}، ويجوز أن يكون حالا، ويكون قوله: {قرآنا} كقولك (مررت بزيد رجلا صالحا).

وقوله: بما أوحينا إليك هذا القرآن : نصب {القرآن} على أنه نعت [ ص: 483 ] لـ {هذا}، أو بدل منه، أو عطف بيان، ويجوز رفعه، كأن سائلا سأل عن الوحي، فقيل له: هو هذا القرآن، ويجوز جره على البدل من ما.

ومن فتح التاء من {يا أبت} ؛ جاز أن يكون أصلها: (يا أبتي)، فأبدل من ياء الإضافة ألفا، ثم حذفت الألف، كما كانت ياء الإضافة تحذف، ويجوز أن يكون الأصل: (يا أبة)، فحذف التنوين، ويجوز أن يكون الأصل: (يا أبتاه)، فحذفت الألف.

ومن كسر؛ حذف ياء الإضافة، وأبقى الكسرة دالة عليها.

و (التاء) عند سيبويه: بدل من ياء الإضافة.

غيره: إنما دخلت، لأن قولك: (أبوان) تثنية الأب والأم يوجب أن تستعمل منه (أب، وأبة)، كما تستعمل من (الوالدين): (والد، ووالدة)، فاستعمل ذلك في النداء في الأب، وأجري مجرى ما وصف به المذكر مما فيه [ ص: 484 ] الهاء، نحو: (علامة)، و (نسابة).

الفراء: هي الهاء التي تراد في الوقف، كثرت في الكلام فشبهت بهاء التأنيث.

ومن وقف بالهاء وهو يفتح في الوصف فهو على ما تقدم من تشبيه التاء بهاء التأنيث، ومن وقف بالهاء وهو يكسر فعلى مذهب سيبويه في أن التاء بدل من ياء الإضافة، فلما لم يكن ثم ياء مقدرة؛ وقف بالهاء.

وقوله تعالى: اقتلوا يوسف أو اطرحوه أرضا : {أرضا}: مفعول به ثان لـ {اطرحوه} ؛ بتقدير حذف الجار؛ لأن الأرض مكان مخصوص، كالجبل والوادي، ونظائرهما من الأماكن المخصوصة التي لا تكون ظروفا، وكذلك التقدير في قوله: فلن أبرح الأرض [يوسف: 80]: [فلن أبرح من الأرض].

[ ص: 485 ] ومن أفرد: غيابت الجب ؛ فعلى أن الجب كله غيابة، ومن جمع فلأن فيه غيابات كثيرة.

ومن قرأ: {غيابات} ؛ فهو اسم جاء على (فعالة) ؛ كأنها التي تغيب من كان فيها.

ومن قرأ: {غيبة الجب} ؛ احتمل أن يكون موضعا على (فعلة)، أو حدثا، كقولك: (ظلمة الجب).

ومن قرأ: {تلتقطه بعض السيارة} ؛ [بالتاء؛ فعلى الحمل على تأنيث {السيارة} ؛ كأنه قال: تلتقطه السيارة.

ومن قرأ {تأمننا} ؛ فهو الأصل، ومن قرأ: {تامنا} ؛ فعلى الإدغام، ومن أشم الضم، فليدل على حال الحرف قبل إدغامه، ومن لم [ ص: 486 ] يشم، فهو حقيقة الإدغام.

ومن قرأ: {تيمنا} ؛ فقد تقدم القول في نظائره.

وقوله تعالى: أرسله معنا غدا يرتع ويلعب : {غدا}: ظرف أصله عند سيبويه: (غدو)، وقد نطق به كذلك.

ومن قرأ {نرتع ونلعب} ؛ بالنون، وجزم العين والباء، فالمعنى: نتسع في الخضب، وكل مخصب راتع، ووزن {نرتع}: (نفعل)، والمراد بـ (اللعب): المباح من الانبساط، لا اللعب المحظور، وقيل: كانوا حين قالوا ذلك صغارا.

ومن قرأهما بالياء، فالمراد: يوسف وحده.

ومن كسر العين، فهو من رعي الغنم، وقيل: معناه: نتحارس، ويرعى بعضنا بعضا.

[ ص: 487 ] ومن قرأ الأول بالنون، والثاني بالياء، فالمعنى: نرتعي نحن ويلعب يوسف، لأنه كان صغيرا.

ومن قرأ: {ويلعب} ؛ بالرفع، فـ {يرتع}: جواب {أرسله}، و {يلعب}: مستأنف، والمعنى: وهو ممن يلعب، كقولك؟ زرني أحسن إليك) ؛ أي: وأنا ممن يحسن إليك.

ومن قرأ: {يرتع ويلعب} ؛ فهو على حذف المفعول، والمعنى: يرتع مطيته.

وترك همز {الذئب} وهمزه مذكور في الهمز في آخر الكتاب.

ومن قرأ: {لينبئنهم} ؛ بالياء؛ أراد يوسف عليه السلام، والتاء على الخطاب ليوسف عليه السلام، والنون على إخبار الله تعالى عن نفسه.

ومن قرأ: {عشا يبكون}، جاز أن يكون جمع (عاش) فكأن الأصل: (عشاة)، فحذف الهاء وهو يريدها، كما قال: [من الرمل] [ ص: 488 ]

أبلغ النعمان عني مألكا

يريد: مألكة.

ويجوز أن يكون جمع (عشوة) ؛ فكأنه قال: وجاؤوا أباهم ظلاما.

ومن قرأ: {بدم كدب} ؛ بالدال غير معجمة؛ فمعناه: بدم طري، يقال للدم الطري: الكدب، و (الكدب) أيضا: البياض الذي يخرج في أطراف أظفار الأحداث، فيجوز أن يكون شبه الدم في القميص بالبياض الذي في الظفر، من جهة اختلاف اللونين.

ومن قرأ: يا بشرى هذا غلام ؛ فإنه نادى (البشرى) غير مضافة، فكأنه قال: يا أيتها البشرى، هذا حينك وأوانك، وقيل: إن (بشرى) اسم غلام، فناداه.

ومن قرأ {يا بشراي} ؛ أضاف (البشرى) إلى نفسه.

[ ص: 489 ] ومن قرأ {يا بشري} فهو على ما تقدم في {هدى} [البقرة: 38]، وبابه.

وأسروه بضاعة : نصب {بضاعة} على التفسير، التقدير: وأسروه مبضوعا، وقد تقدم ذكر الضمائر.

وكانوا فيه من الزاهدين : تقديره: وكانوا زاهدين فيه من الزاهدين، وجاز ذلك وإن كان لا يجوز: (كانوا زيدا من الضاربين) ؛ لأن الظروف أقوى في حذف العامل من غيرها.

وقوله: هيت لك معناها: أقبل وتعال، قال ابن عباس: (هيت): كلمة بالسريانية، تدعوه إلى نفسها.

وما تقدم فيه من القراءات لغات في الكلمة، وفتح التاء، وضمها، وكسرها، لالتقاء الساكنين، الكسر على أصل التقاء الساكنين، والفتح؛ لأنه أخف من الضم والكسر بعد الياء، والضم؛ لأنها بمنزلة الغايات، كأنها [ ص: 490 ] قالت: دعائي لك، فلما حذفت ياء الإضافة، وتضمنت {هيت} معناها، بنيت على الضم، كـ (قبل)، و (بعد).

ومن همز، وفتح التاء، فهي فعل من (هاء يهيئ) ؛ مثل: (جاء يجيئ)، فالمعنى: حسنت هيئتك، وقوله: {لك} من كلام آخر، كقولك: (لك أعني).

ومن همز، وضم التاء، فهو فعل بمعنى: تهيأت لك، وكذلك معنى قراءة من قرأ: {هيئت لك}.

وقوله: إنه ربي أحسن مثواي : يجوز أن يكون موضع {ربي} نصبا على البدل من (الهاء) أو تكون (الهاء) ضمير الحديث، و {ربي}: في موضع رفع بالابتداء، و أحسن مثواي : الخبر، والجملة خبر (إن).

لولا أن رأى برهان ربه : [{أن} رفع بـ {لولا}، وخبر {لولا} محذوف، وكذلك جوابها، التقدير: لولا أن رأى برهان ربه] في ذلك الوقت، لفعل.

كذلك لنصرف عنه السوء : موضع (الكاف) من {كذلك} يجوز أن يكون رفعا بأنه خبر مبتدأ محذوف، التقدير: البراهين كذلك، أو يكون [ ص: 491 ] نعتا لمصدر محذوف، أي: أريناه البرهان رؤية كذلك.

وفتح اللام وكسرها من {المخلصين}:ظاهران.

ومن قرأ: {من قبل}، و {من دبر} ؛ فعلى أنهما غايتان، كـ (قبل)، و (بعد) ؛ كأنه قال: من قبله، ومن دبره، فلما حذف المضاف إليه وهو مراد، صار المضاف غاية نفسه، بعد أن كان المضاف إليه غاية له، وقوى البناء أن (قبل) و (دبر) قد يكونان ظرفين، ومنه: فسبحه وأدبار السجود [ق: 40].

وإسكان أوسط {قبل} و {دبر}: ظاهر.

* * *

التالي السابق


الخدمات العلمية