التحصيل لفوائد كتاب التفصيل الجامع لعلوم التنزيل

المهدوي - أبو العباس أحمد بن عمار المهدوي

صفحة جزء
وقوله تعالى: ويسألونك عن الروح : قال ابن عباس: يعني: جبريل عليه السلام، وعنه أيضا: أنه ملك له أحد عشر ألف جناح، وألف وجه، يسبح الله تعالى [ ص: 137 ] إلى يوم القيامة.

علي رضي الله عنه: هو ملك من الملائكة، له سبعون ألف وجه، لكل وجه سبعون ألف لسان يسبح الله تعالى.

أبو صالح: {الروح} : خلق كخلق بني آدم، وليسوا بني آدم.

وقيل: {الروح} ههنا: روح الحيوان.

وقيل: عيسى عليه السلام.

والسائلون عن {الروح} ههنا: قريش، قالت لهم اليهود: سلوه عن أصحاب الكهف، وعن ذي القرنين، وعن الروح، فإن أخبركم عن اثنتين، وأمسك عن واحدة; فهو نبي، فسألوه، فأخبرهم بخبر أصحاب الكهف، وخبر ذي القرنين، وقال في الروح: قل الروح من أمر ربي ; أي: من الأمر الذي يعلمه الله تعالى دونكم.

وما أوتيتم من العلم إلا قليلا : هذا لليهود، يخبرهم أن علم التوراة في علم الله تعالى قليل.

وقوله: ولئن شئنا لنذهبن بالذي أوحينا إليك أي: ولو شئنا; لأذهبناه من الصدور والكتب.

ثم لا تجد لك به علينا وكيلا أي: لا تجد من يتوكل برده.

الحسن: المعنى: لا تجد من يمنعك منا إذا أردناك.

[ ص: 138 ] إلا رحمة من ربك : استثناء منقطع; المعنى: لكن الله تعالى رحمك، فثبته في قلبك وقلوب المؤمنين.

ثم أعلمهم على إثر ذلك بأنهم لا يقدرون على الإتيان بمثل القرآن، ولو تظاهرت به الإنس والجن.

ومعنى قوله: {ظهيرا} : معينا.

وقوله تعالى: ولقد صرفنا للناس في هذا القرآن من كل مثل أي: وجهنا القول فيه بكل مثل.

فأبى أكثر الناس إلا كفورا يعني: أن الله تعالى بين الحق للكفار، وفسح لهم وأمهلهم حتى تبين لهم; فأبوا إلا الكفر وقت تبين الحق، ولا حجة للقدرية في قولهم: (لا يقال: "أبى"، إلا لمن أبى فعل ما هو قادر عليه) ; لأن الكافر وإن كان غير قادر على الإيمان بحكم الله تعالى بالإعراض عنه وطبعه على قلبه; فقد كان قادرا وقت الفسحة والمهلة على طلب الحق، وتمييزه من الباطل.

ثم أعلم الله تعالى أنهم لما عجزوا عن الإتيان بمثل القرآن; اقترحوا الآيات، وقد رأوا منها ما في بعضه مقنع; كانشقاق القمر، وغيره من الآيات والمعجزات.

[ ص: 139 ] وقوله: حتى تفجر لنا من الأرض ينبوعا يعني: العيون، عن مجاهد، وهو (يفعول) ، من (نبع ينبع) .

وقوله: فتفجر الأنهار خلالها تفجيرا أي: وسطها.

أو تسقط السماء كما زعمت علينا كسفا أي: قطعا، عن ابن عباس وغيره، و (الكسف) : جمع (كسفة) ، ومن أسكن السين; جاز أن يكون أيضا جمع (كسفة) ، وجاز أن يكون مصدرا من (كسفت الشيء) ; إذا غطيته; فكأنهم قالوا: تسقطها طبقا علينا.

أو تأتي بالله والملائكة قبيلا أي: معاينة، عن قتادة، وابن جريج.

وقيل: كفيلا.

وقيل: ضمناء يضمنون لنا إتيانك به.

وقيل: قبيلا قبيلا، كل قبيل على حدته.

أو يكون لك بيت من زخرف أي: من ذهب، عن ابن عباس وغيره، [ ص: 140 ] وتقدم القول في (الزخرف) .

أو ترقى في السماء أي: ترقى في سلم إلى السماء ونحن نراك.

وقوله: حتى تنـزل علينا كتابا نقرؤه أي: بنبوتك، مجاهد: اقترحوا أن يصبح عند رأس كل واحد منهم صحيفة من عند الله تعالى يقرؤها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: سبحان ربي هل كنت إلا بشرا رسولا أي: هل أنا إلا بشر مثلكم؟! وقوله تعالى: وما منع الناس أن يؤمنوا إذ جاءهم الهدى إلا أن قالوا أبعث الله بشرا رسولا إلى قوله: لنـزلنا عليهم من السماء ملكا رسولا ; فأعلم الله تعالى أن الملك إنما يرسل إلى الملائكة; لأنه لو أرسل ملكا إلى الآدميين; لم يقدروا أن يروه وهم على الهيئة التي خلقوا عليها، وإنما أقدر الأنبياء على ذلك، وخلق فيهم ما يقدرون به عليه; ليكون ذلك آية لهم ومعجزة.

ويروى: أنهم قالوا حين سمعوا هذا: فمن يشهد لك أنك رسول الله؟ فنزلت: قل كفى بالله شهيدا بيني وبينكم .

[ ص: 141 ] وقوله: ونحشرهم يوم القيامة على وجوههم عميا وبكما وصما : قال ابن عباس، والحسن: أي: عمي عما يسرهم، بكم عن التكلم بحجة، صم عما ينفعهم.

وقيل: إنهم يحشرون على الصفة التي وصفهم بها، ثم يخلق لهم ذلك في النار.

وقيل: عموا حين دخلوا النار; لشدة سوادها، وانقطع كلامهم حين قال لهم: اخسئوا فيها ولا تكلمون [المؤمنون: 108]، وذهب الزفير والشهيق بسمعهم; فلم يسمعوا معه شيئا.

وروي: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الذي أمشاهم على أقدامهم قادر على أن يمشيهم على وجوههم".

وقوله تعالى: كلما خبت أي: سكنت، عن الضحاك وغيره.

مجاهد: طفئت.

زدناهم سعيرا أي: نارا تتلهب.

قل لو أنتم تملكون خزائن رحمة ربي إذا لأمسكتم خشية الإنفاق : قال ابن [ ص: 142 ] عباس، وقتادة: أي: خشية الفقر.

وكان الإنسان قتورا : أي: بخيلا; يعني: الكافر; لأنه ممسك عن الإنفاق في طاعة الله تعالى.

التالي السابق


الخدمات العلمية