التحصيل لفوائد كتاب التفصيل الجامع لعلوم التنزيل

المهدوي - أبو العباس أحمد بن عمار المهدوي

صفحة جزء
وقوله: إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله : روي عن ابن مسعود أنه قال: التمسوا الغنى في النكاح، وتلا هذه الآية، وروي معناه عن عمر بن الخطاب، وابن عباس.

وقوله: وليستعفف الذين لا يجدون نكاحا حتى يغنيهم الله من فضله : (النكاح) ههنا: اسم لما ينكح به من المهر والنفقة، وقيل له: (نكاح) ; كما قيل لما يلتحف به: (لحاف) ، ولما يلبس: (لباس) ، وأمر من لم يجد ذلك بأن يستعفف عن الحرام.

وقوله: والذين يبتغون الكتاب مما ملكت أيمانكم فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا وآتوهم من مال الله الذي آتاكم : (الكتاب) ، و (المكاتبة) : سواء; كـ (القتال) ، و (المقاتلة) .

والآية عند كثير من العلماء على الإيجاب، وروي ذلك عن عمر بن الخطاب، وابن عباس، وغيرهما، واختاره الطبري.

ومذهب مالك: أنه ليس على السيد أن يكاتب عبده إيجابا، وله أن يكره عبده على المكاتبة إذا كان على وجه النظر منه للعبد، كما له أن يؤاجره السنة [ ص: 541 ] والسنتين، ويأخذ الأجرة والعبد على رقه، فإن حمله ما لا يطيق، أو ما يطيقه على مشقة; لم يجز ذلك، فالآية عند مالك على الندب، وهو مذهب الثوري، والشافعي، وغيرهما.

وقوله: إن علمتم فيهم خيرا : (الخير) في قول ابن عباس، ومجاهد، وغيرهما: المال.

وقال الحسن: الدين، والأمانة.

النخعي: الصدق، والوفاء.

ابن جبير: المعنى: إذا علمتم أنهم يريدون بذلك الخير.

عبيدة السلماني: المعنى: إن أقاموا الصلاة.

و(الخير) عند مالك: القوة على الأداء.

وقوله: وآتوهم من مال الله الذي آتاكم : قال علي رضى الله عنه: يسقط السيد عن المكاتب الربع، ابن مسعود: الثلث.

ابن جبير: يسقط عنه شيئا، ولم يحده، وهو قول الشافعي، واستحسنه الثوري، قال الشافعي: و (الشيء) أقل شيء يقع عليه اسم شيء، ويجبر عليه السيد، ويحكم به الحاكم على الورثة إن مات السيد.

[ ص: 542 ] قتادة: يوضع عنه العشر.

مالك: يوضع عنه شيء من نجومه، يحض عليه السيد، ولا يجبر، فالأمر عنده ندب، وهو قول الحسن، والنخعي، وغيرهما.

ورأى بعض العلماء: أن يعطيه من ماله من غير مال المكاتبة ما يستعين به على كتابته.

وقيل: إن الأمر لغير الموالي، أمر الله ـ تعالى ـ الناس أن يعطوا المكاتب من الزكاة ما يستعين به على كتابته; فالضميران على هذا مختلفان.

ومسائل المكاتبة مبسوطة في "الكبير".

التالي السابق


الخدمات العلمية