التحصيل لفوائد كتاب التفصيل الجامع لعلوم التنزيل

المهدوي - أبو العباس أحمد بن عمار المهدوي

صفحة جزء
[ ص: 165 ] وقوله: قال إنما أوتيته على علم عندي يعني: علم التوراة، وكان - فيما روي - من أقرأ الناس لها.

وقيل: المعنى: على علم عندي بوجوه المكاسب.

وروي: أنه كان يعلم علم الكيمياء.

ابن زيد: قال: لولا رضا الله عني، ومعرفته بفضلي ما أعطاني.

وتقدم القول في قوله: ولا يسأل عن ذنوبهم المجرمون .

وقوله: فخرج على قومه في زينته : قال مجاهد: خرج هو وأصحابه على براذين بيض، عليها سروج أرجوان، وعليهم المعصفر.

قتادة: خرجوا على أربعة آلاف دابة، عليهم ثياب حمر، منها ألف بغل أبيض.

ابن جريج: خرج على بغلة شهباء، عليها الأرجوان، ومعه ثلاث مئة جارية على البغال الشهب، عليهن الثياب الحمر.

ابن زيد: خرج في سبعين ألفا، عليهم المعصفرات.

ولا يلقاها إلا الصابرون أي: ولا يلقى هذه الفعلة أو القولة إلا الصابرون.

[ ص: 166 ] وقوله: ويكأن الله : قال سيبويه: سألت الخليل عن {ويكأن} ، فزعم أن قوله: (وي ) مفصولة من (كأن ) ; والمعنى: أنهم نبهوا، فقيل لهم: أما يشبه أن يكون ذا عندكم هكذا؟ وأنشد سيبويه: [من الخفيف]


وي كأن من يكن له نشب يح بب ومن يفتقر يعش عيش ضر

وقال جماعة من المفسرين: المعنى: ألم تر أن الله؟

قتادة، ومعمر: أولا تعلم؟

وقيل: المعنى: أولا ترون أن الله يبسط الرزق؟

وحكي: أن أعرابية قالت لزوجها: أين ابنك؟ فقال: ويكأنه وراء البيت; أي أما ترين أنه وراء البيت؟

الكسائي: (وي ) : صلة، وفيه معنى التعجب.

ومن قال: (ويك ) ، فوقف على الكاف; فمعناه: اعجب، لأن الله يبسط

[ ص: 167 ] الرزق، واعجب لأنه لا يفلح الكافرون، وينبغي أن تكون الكاف حرف خطاب، لا اسما، لأن (وي ) ليست مما يضاف.

وقيل: المعنى: تنبيهك بأن الله، فحذف.

وقيل: المعنى: ويلك إنه، وأنكره بعض النحويين، وقال: لو كان كذلك، لكان بالكسر، وقال بعضهم: التقدير: ويلك اعلم أنه، فأضمر (اعلم ) .

ومثل مذهب من وقف على (ويك ) قول عنترة: [من الكامل]


ولقد شفى نفسي وأبرأ سقمها     قيل الفوارس ويك عنتر أقدم

وإنما كتبت متصلة، لأنها لما كثر استعمالها; جعلت مع ما بعدها كشيء واحد.

وقوله: إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد : معنى: فرض عليك القرآن : أنزله، وقيل: المعنى: فرض عليك العمل بما فيه.

ومعنى لرادك إلى معاد : إلى الجنة، قاله أبو سعيد الخدري، وابن عباس، وغيرهما.

[ ص: 168 ] وقال له: {لرادك} ; لأنه دخل الجنة ليلة الإسراء، وقيل: لأن أباه آدم خرج منها.

وعن ابن عباس أيضا، ومجاهد: أن المعنى: لرادك إلى مكة.

وعن مجاهد أيضا، والزهري، والحسن: أن المعنى: لرادك إلى يوم القيامة، وهو اختيار الزجاج.

وقوله: كل شيء هالك إلا وجهه : قال الثوري: أي: إلا ما أريد به وجهه.

أبو عبيدة: معنى إلا وجهه : إلا جاهه، كما يقال: (لفلان وجه في الناس ) ; أي جاه، فالمعنى على هذا: كل شيء هالك إلا الوجه الذي يطلبون به القربة إلى الله والجاه عنده.

وقيل: معنى إلا وجهه : إلا إياه; كقولك: أكرم الله وجهك; أي: أكرمك الله.

[ ص: 169 ] [ و (الوجه ) في اللغة يتصرف على وجوه:

منها: الوجه الذي هو الجارحة، ومنها: أول الشيء وصدره، نحو: وجه النهار [آل عمران: 72]، ومنها: القصد والفعل; نحو: وجهت وجهي للذي فطر السماوات [الأنعام: 79]، ومنها الحيلة، نحو: (ما الوجه في كذا؟ ) ، ومنها: المذهب، والجهة، والمنزلة، والقدر; نحو: (لفلان وجه عند الناس ) ، والوجه: الرئيس، ووجه الشيء: نفسه، وذاته].

التالي السابق


الخدمات العلمية