التحصيل لفوائد كتاب التفصيل الجامع لعلوم التنزيل

المهدوي - أبو العباس أحمد بن عمار المهدوي

صفحة جزء
التفسير:

معنى قوله: إلا لنعلم من يؤمن بالآخرة : معناه: علم الشهادة الذي يقع به الثواب والعقاب، وليس قوله: إلا لنعلم بجواب قوله: وما كان له عليهم من سلطان في ظاهره، إنما هو محمول على المعنى؛ والمعنى: ما جعلنا له عليهم سلطانا إلا لنعلم من يؤمن بالآخرة.

وقوله: قل ادعوا الذين زعمتم من دون الله : مفعول {زعمتم} جملة محذوفة دل عليها الخطاب؛ والتقدير: زعمتم أنهم ينصرونكم من دون الله.

وقوله: وما لهم فيهما من شرك يعني: في السماوات والأرض.

وقوله: وما له منهم من ظهير أي: ما له من الآلهة التي تعبدونها من دونه من معين فيما خلق.

وقوله: ولا تنفع الشفاعة عنده إلا لمن أذن له : قيل: إن (من) للشافع، والمراد به: الملائكة؛ والمعنى: لمن أذن له أن يشفع في غيره، فهو كقوله: [ ص: 343 ] ولا يشفعون إلا لمن ارتضى [الأنبياء: 28]، وقيل: هي للمشفوع له، والتقدير: إلا لمن أذن له أن يشفع فيه.

وقوله: حتى إذا فزع عن قلوبهم قالوا ماذا قال ربكم قالوا الحق : قال ابن عباس: معنى فزع عن قلوبهم : جلي عنها الفزع.

وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إذا قضى الله تعالى الأمر في السماء؛ ضربت الملائكة بأجنحتها؛ خضوعا لله عز وجل، فيسمع كالسلسلة على الصفوان، فيقولون: ماذا قال ربكم؟ فيقال: قال الحق".

ابن زيد: هذا في بني آدم، أقروا بالله حين لا ينفعهم ذلك؛ والمعنى: حتى إذا فزع الشيطان عن قلوبهم، وفارقهم ما كان يضلهم به، قالوا: ماذا قال ربكم؟ فالكلام على هذا مردود على ما تقدم ذكره من الذين صدق عليهم [ ص: 344 ] إبليس ظنه، وهو على الوجه الأول مردود على قوله: ولا تنفع الشفاعة عنده إلا لمن أذن له ؛ [على تقدير: إلا لمن أذن له] من الملائكة أن يشفع.

وقوله: وإنا أو إياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين المعنى: وإنا لعلى هدى أو في ضلال مبين، وإنكم لكذلك؛ كما تقول: (قد علمت أينا الكذوب؟).

وتقدم معنى يفتح بيننا .

وقوله: قل أروني الذين ألحقتم به شركاء كلا أي: ليس الأمر كما زعمتم، وقيل: إن {كلا} رد لجوابهم المحذوف؛ كأنه لما قال: أروني الذين ألحقتم به شركاء؛ قالوا: هي الأصنام، فقال: كلا؛ أي: ليس له شركاء؛ بل هو الله العزيز الحكيم .

وقوله: وقال الذين كفروا لن نؤمن بهذا القرآن ولا بالذي بين يديه : الذين كفروا : كفار قريش، قالوا: لن نؤمن بهذا القرآن، ولا بالكتب المتقدمة.

وقوله: بل مكر الليل والنهار ؛ معناه: بل مكركم بالليل والنهار، صدنا، روي معناه عن قتادة.

[ ص: 345 ] ومن قرأ: {بل مكر الليل والنهار} ؛ فمعناه: بل مرور الليل والنهار غرنا.

وقوله: وما أموالكم ولا أولادكم بالتي تقربكم عندنا زلفى إلا من آمن وعمل صالحا قال ابن جبير: المعنى: إلا أن من آ من وعمل صالحا؛ فلن يضره ماله وولده في الدنيا.

فأولئك لهم جزاء الضعف بما عملوا ؛ يعني: قوله: من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها [الأنعام: 160].

وقوله: وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه : قال الضحاك: يعني: النفقة على العيال، وعلى نفسه، لا النفقة في سبيل الله.

ابن جبير: المعنى ما أنفقتم من غير سرف ولا تقتير؛ فالله يخلفه بالثواب.

مجاهد: إن كان خلف؛ فمنه، وربما لم يخلف له حتى يموت.

وقوله: وهو خير الرازقين ؛ لأن من الناس من يرزق غيره مما رزقه الله عز وجل.

[ ص: 346 ] وقوله: وكذب الذين من قبلهم وما بلغوا معشار ما آتيناهم أي: كذب الذين من قبل هؤلاء، وما بلغ هؤلاء معشار ما أوتي الذين من قبلهم؛ لأن أولئك كانوا أجلد، وأقوى، وأطول أعمارا، فأهلكوا.

و (المعشار) و (العشر) سواء، وقيل: (المعشار): عشر العشر.

وقوله: قل إنما أعظكم بواحدة أن تقوموا لله مثنى وفرادى ثم تتفكروا : قال مجاهد: معنى قوله: {بواحدة} بطاعة الله عز وجل، ومعنى مثنى وفرادى أي: يقوم أحدكم لله عز وجل وحده، ويشاور غيره؛ فيقول: هل علمت أن محمدا كذب، أو كهن، أو سحر، أو شعر قط؟

والوقف عند أبي حاتم على ثم تتفكروا ، وقيل: ليس هو بوقف؛ لأن المعنى: ثم تتفكروا هل جربتم على صاحبكم كذبا، وأو رأيتم به جنة؟

وقوله: قل ما سألتكم من أجر فهو لكم يعني: على تأدية الرسالة.

التالي السابق


الخدمات العلمية