التحصيل لفوائد كتاب التفصيل الجامع لعلوم التنزيل

المهدوي - أبو العباس أحمد بن عمار المهدوي

صفحة جزء
التفسير:

قال قتادة : معنى اتقوا ما بين أيديكم أي: من الوقائع في من كان قبلكم من الأمم، وما خلفكم : من الآخرة.

[ ص: 406 ] ابن عباس وابن جبير: ما بين أيديكم : الآخرة، و وما خلفكم : الدنيا.

وقيل: معنى ما بين أيديكم : ما سلف من ذنوبكم، وما خلفكم : ما لم تعملوه بعد.

والجواب محذوف; والتقدير: وإذا قيل لهم ذلك أعرضوا، ودل عليه ما بعده.

وقوله: وإذا قيل لهم أنفقوا مما رزقكم الله قال الذين كفروا : قال الحسن : يعني: اليهود، وقيل: هم المشركون.

وقوله تعالى إخبار عنهم: أنطعم من لو يشاء الله أطعمه : يقولون ذلك استهزاء.

وقوله: إن أنتم إلا في ضلال مبين قيل: هو من قول الكفار للمؤمنين، وقيل: هو من قول الله تعالى للكفار.

وقوله: ما ينظرون إلا صيحة واحدة تأخذهم وهم يخصمون أي: ما ينتظرون إلا القيامة تأخذهم وهم يختصمون في أمور دنياهم، [فيموتون في مكانهم] ولا يستطيعون أن يوصوا، ولا أن يرجعوا إلى أهلهم.

[ ص: 407 ] وقيل: إن معنى ولا إلى أهلهم يرجعون : لا يرجعون إليهم قولا.

وقوله: فإذا هم من الأجداث إلى ربهم ينسلون الأجداث} القبور، واحدها: (جدث) ويقال فيه: (جدف) بالفاء.

وتقدم القول في معنى {ينسلون} .

وقوله: قالوا يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا : قال ابن زيد: هذا من قول بعضهم لبعض، صدقوا الرسل لما عاينوا ما أخبروهم به، فيقول لهم المؤمنون: هذا ما وعد الرحمن وصدق المرسلون .

وقيل: إن ذلك من قول الملائكة للكفار.

الأعمش: روي أن العذاب يكف عنهم بين النفختين، فإذا نفخ في الصور; قالوا: يا ولينا، من بعثنا من مرقدنا؟

وقيل: إن الوقف على قوله: {هذا} ويبتدأ: ما وعد الرحمن على معنى: ما وعد الرحمن حق.

وقوله: إن أصحاب الجنة اليوم في شغل فاكهون : قال مجاهد : شغلهم [ ص: 408 ] افتضاض الأبكار، وقيل: المعنى أنهم في شغل عما فيه أهل النار.

ومعنى قوله: {فاكهون}: ذوو فاكهة، و ابن عباس : فرحون، وقيل: ناعمون. و {فكهون} بغير ألف في قول قتادة: معجبون.

أبو زيد: يقال: (رجل فكه) إذا كان طيب النفس ضحوكا.

الفراء: {فكهون} و {فاكهون} بمعنى; كما يقال: {حذرون} و {حاذرون} [الشعراء: 56].

وقوله: هم وأزواجهم في ظلال : (الظلال): جمع (ظل) أو جمع (ظلة) ومن قرأ: {في ظلل} فهو جمع (ظله) لا غير.

وقوله: ولهم ما يدعون : معنى {يدعون}: يتمنون، من (الدعاء) أي: من ادعى بشيء أعطيه، قاله أبو عبيدة.

وقيل: المعنى: أن من ادعى منهم شيئا فهو له; لأن الله تعالى قد طبعهم [ ص: 409 ] على ألا يدعي أحدهم إلا ما يحسن أن يدعيه.

وقوله: سلام قولا من رب رحيم أي: ولهم سلام يسمعونه من الله عز وجل.

الفراء: لهم ذلك سلام; أي: مسلم.

الزجاج : {سلام}: بدل من (ما) أي: ولهم أن يسلم الله عليهم، وهذا هو القول الأول.

وقوله: وامتازوا اليوم أيها المجرمون : قال قتادة : أي: اعتزلوا عن كل خير، وقيل: المعنى: امتازوا عن المؤمنين.

وقوله: ألم أعهد إليكم يا بني آدم أن لا تعبدوا الشيطان أي: يقال لهم ذلك; والمعنى: ألم أتقدم إليكم; فأوصيكم؟

ولقد أضل منكم جبلا كثيرا أي: خلقا كثيرا.

وقوله: اليوم نختم على أفواههم الآية: روى عقبة بن عامر: «أن أول شيء يتكلم من الإنسان -إذا ختم على فمه- فخذه اليسرى».

وقال أبو موسى الأشعري: إني لأحسب أن أول ما ينطق منه فخذه اليمنى.

وقوله: ولو نشاء لطمسنا على أعينهم : قال ابن عباس : المعنى: لأعميناهم عن الهدى [فلا يهتدون أبدا إلى الطريق الحق.

[ ص: 410 ] الحسن : المعنى: لتركناهم عميا، يترددون; فالمعنى: لأعميناهم] فلا يبصرون طريقا إلى تصرفهم في منازلهم، ولا غيرها، وهذا اختيار الطبري.

وقوله: فاستبقوا الصراط : قال الحسن : أي: لأقعدناهم، فلا يستطيعون أن يمضوا أمامهم، ولا يرجعوا وراءهم.

ابن عباس : المعنى: ولو نشاء لأهلكناهم في مساكنهم.

وقيل: المعنى: لو نشاء لمسخناهم في المكان الذي اجترؤوا فيه على المعصية.

ابن سلام: هذا كله يوم القيامة، يطمس الله على أعينهم على الصراط.

وقوله: ومن نعمره ننكسه في الخلق يعني: أنه يصير إلى حال الهرم الذي يشبه حال الصبا، قاله قتادة وغيره.

وقوله: وما علمناه الشعر وما ينبغي له أي: وما ينبغي له أن يقوله، وجعل الله ذلك علما من أعلام النبي -صلى الله عليه وسلم- لئلا تدخل الشبهة على من أرسل إليه، فيظن أنه قوي على القرآن بما في طبعه من القوة على إنشاء الشعر، ولا اعتراض لملحد [ ص: 411 ] على هذا بما يتفق الوزن فيه من القرآن وكلام الرسول -عليه الصلاة والسلام- لأن ما وافق وزنه وزن الشعر، ولم يقصد به إلى الشعر; ليس بشعر، ولو كان شعرا لكان كل من نطق بموزون من العامة الذين لا يعرفون وزن الشعر شاعرا، وقد بسطت القول في هذا في "الجامع".

وقوله: {لتنذر من كان حيا} أي: حي القلب، عن قتادة، و[قيل: المعنى: لتنذر من كان مؤمنا في علم الله تعالى.

التالي السابق


الخدمات العلمية