التحصيل لفوائد كتاب التفصيل الجامع لعلوم التنزيل

المهدوي - أبو العباس أحمد بن عمار المهدوي

صفحة جزء
التفسير:

قال ابن عباس : {الأيدي}: القوة، والعبادة، والطاعة، و {الأبصار}: الفقه في الدين.

وقيل: {الأيدي}: النعم التي أنعم الله بها عليهم.

وقيل: المعنى: أصحاب النعم التي قدموها من الأعمال الصالحة، وهذا اختيار الطبري، قال: وهو تمثيل بالرجل تكون له عند الرجل يد، على ما تستعمله العرب.

[ ص: 500 ] وقوله: إنا أخلصناهم بخالصة ذكرى الدار : قال قتادة : المعنى: أنهم يذكرون بطاعة الله عز وجل.

الضحاك: المعنى: بخوف ذكرى الدار، فكانوا يرغبون في الآخرة ويزهدون في الدنيا، وتقدير الكلام مذكور في الإعراب.

وقوله: هذا ذكر : قيل: المعنى: هذا ذكر حسن في الدنيا، وشرف لهؤلاء المذكورين، وقيل: المعنى: هذا القرآن ذكر للمؤمنين.

وقوله: وإن للمتقين لحسن مآب جنات عدن مفتحة لهم الأبواب أي: مفتحة لهم أبوابها من غير معالجة من سكانها.

الحسن : يقولون للأبواب: انفتحي، انغلقي، فتطيعهم.

وتقدم ذكر قاصرات الطرف .

ومعنى {أتراب}: أنهن على سن واحدة، عن قتادة، مجاهد : أمثال، السدي: متآخيات، لا يتعادين، ولا يتغايرن.

وقوله: هذا وإن للطاغين لشر مآب : يجوز أن يكون تقديره: الأمر هذا; فيوقف على {هذا} وكذلك إن قدر المعنى على: هذا الذي وصفته للمتقين.

وقوله: هذا فليذوقوه حميم وغساق : قيل: المعنى: هذا حميم وغساق، فليذوقوه; [ ص: 501 ] فلا يوقف على: {فليذوقوه} .

[ويجوز أن يكون {فليذوقوه} خبرا عن {هذا} ودخلت الفاء؛ للتنبيه الذي في {هذا} فيوقف على {فليذوقوه} ويرتفع {حميم} على تقدير: هذا حميم.

ويجوز أن يكون قوله: {هذا} في موضع نصب بإضمار فعل يفسره {فليذوقوه} ويبتدأ حميم وغساق على تقدير: هذا حميم وغساق.

و (الغساق) في قول قتادة: ما يسيل من بين الجلد واللحم.

الضحاك: هو شيء بارد يحرق كما تحرق الحمى.

ابن زيد: (الحميم): دموع أعينهم تجمع في حياض النار، فيسقونه، و (الغساق): الصديد الذي يخرج من جلودهم.

السدي: (الغساق): الذي يسيل من أعينهم ودموعهم، يسقونه مع الحميم.

مجاهد : (الغساق): أبرد البرد، وهو القيح الغليظ.

كعب: (الغساق): عين في جهنم تسيل إليها حمة كل ذات حمة، فتستنقع بها.

[ ص: 502 ] وقوله: وآخر من شكله أزواج : قال ابن مسعود: هو الزمهرير.

الحسن : {أزواج}: ألوان من العذاب.

قتادة : من شكله : من نحوه.

وقوله: هذا فوج مقتحم معكم : (الفوج): الجماعة والفرقة; والمعنى: مقتحم معكم في النار، وهذا من قول الملائكة لأهل النار، والمعنى: يقولون لهم: هذا فوج.

وقوله: لا مرحبا بهم : من قول أهل النار; والمعنى: لا اتسعت منازلهم في النار.

وقوله: إنهم صالو النار : قيل: إنه متصل بقوله: لا مرحبا بهم من قول المتقدمين في النار، وقيل: هو من قول الملائكة، متصل بقولهم: هذا فوج مقتحم معكم .

ثم قال الفوج المقتحم للمتقدمين في النار: بل أنتم لا مرحبا بكم أنتم قدمتموه لنا ، أي: أنتم أوردتمونا هذا العذاب بإضلالكم إيانا، ثم قال الفوج المقتحم أيضا: ربنا من قدم لنا هذا فزده عذابا ضعفا في النار أي: أضعف عذابه، وقال ابن مسعود: معنى عذابا ضعفا في النار : الحيات والأفاعي.

وقوله: وقالوا ما لنا لا نرى رجالا كنا نعدهم من الأشرار : هذا من قول أكابر [ ص: 503 ] المشركين، يعنون بـ (الرجال): ضعفاء المسلمين.

أتخذناهم سخريا أم زاغت عنهم الأبصار : قال مجاهد : المعنى: أتخذناهم سخريا، فأخطأنا أثرهم في النار، أم زاغت أبصارنا عنهم؟ أي: أهم في النار لا نعرف مكانهم، أم لم تقع أعيننا عليهم؟

وقيل: إن {أم} بمعنى: (بل).

وقوله: قل هو نبأ عظيم أنتم عنه معرضون : يعني: القرآن، عن مجاهد ، وقيل: يعني: ما قصه من خبر أهل النار.

وقوله: ما كان لي من علم بالملإ الأعلى إذ يختصمون : قيل: (الملأ الأعلى): الملائكة، وروي: أن اختصامهم في كفارات بني آدم، فإنهم قالوا: إن الكفارات نقل الأقدام إلى الجماعات، وإسباغ الوضوء عند المكروهات، والتعقيب في المساجد بعد الصلوات، روي ذلك في خبر طويل عن النبي صلى الله عليه وسلم.

وقيل: (الملأ الأعلى): الملائكة، والضمير في {يختصمون}: لقريش; يعني: قول من قال منهم: إن الملائكة بنات الله، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا.

وقيل: (الملأ الأعلى) ههنا: قريش، يعني: اختصامهم فيما بينهم سرا، فأطلع الله تعالى نبيه -عليه الصلاة والسلام- على ذلك.

وقوله: إن يوحى إلي إلا أنما أنا نذير مبين أي: إن يوحى إلي إلا الإنذار.

[ ص: 504 ] وقوله: ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي : (اليدان): صفة من صفات الله -عز وجل- وقيل: عبر بـ(اليدين) عن القدرة، وقيل: عبر بهما عن القوة.

وقيل: ذكرتا تأكيدا على ما تستعمله العرب من نحو قولهم: (هذا ما جنته يداك) فمعنى لما خلقت بيدي على هذا: لما خلقته.

[وقيل: المعنى: لما خلقت لنعمتي; نعمة الدنيا، ونعمة الآخرة، فالباء بمعنى اللام].

وقوله: قال فالحق والحق أقول : قال ابن عباس : المعنى: فأنا الحق، مجاهد : المعنى: فالحق مني، والحق أقول، وهذا على قراءة من رفع ومن نصب، فعلى تقدير: فالحق قلت، والحق أقول، أو على: أحق الحق، أو على القسم، نحو: (الله لأفعلن) ومن جر فعلى القسم.

وقوله: وما أنا من المتكلفين أي: لا أتكلف، ولا أتخرص ما لم أؤمر به.

وقوله: ولتعلمن نبأه بعد حين أي: لتعلمن أن القرآن وما وعدتم به فيه حق، ومعنى بعد حين : بعد الموت، عن قتادة، السدي: يوم بدر، ابن زيد: يوم القيامة.

التالي السابق


الخدمات العلمية