التحصيل لفوائد كتاب التفصيل الجامع لعلوم التنزيل

المهدوي - أبو العباس أحمد بن عمار المهدوي

صفحة جزء
التفسير :

تقدم القول في معنى {حم} {عسق} .

وقوله : كذلك يوحي إليك وإلى الذين من قبلك ؛ أي : مثل الوحي المتقدم يوحي إليك ، وقيل : مثل حروف المعجم .

وقوله : تكاد السماوات يتفطرن من فوقهن أي : من فوق السماوات ، وقيل : من فوق الأرض ، وقيل : الضمير للأمم المخالفة ؛ المعنى : يكاد السماوات يتفطرن من فوق الفرق الكافرة .

وقوله : والملائكة يسبحون بحمد ربهم أي : يسبحون تعجبا من كفر الكفار .

الطبري : المعنى : يصلون ؛ شكرا لله ، وهيبة ، وجلالة .

[ ص: 35 ] الزجاج : المعنى : يعظمون الله ، وينزهونه [عن السوء .

وقوله : وتنذر يوم الجمع أي : تنذر به ] .

جعل لكم من أنفسكم أزواجا : قيل : معناه : إناثا .

مجاهد : نسلا بعد نسل ، من الناس والأنعام .

وقوله : يذرؤكم فيه : قيل : معناه : يخلقكم فيما جعل لكم من أزواجكم ، ويعيشكم فيما جعل لكم من الأنعام ، عن قتادة .

الفراء : {فيه} بمعنى : (به ) ، وكذلك قال الزجاج : معنى يذرؤكم فيه : يكثركم [به ؛ أي : يكثركم ] بجعلكم أزواجا .

وقيل : إن الهاء في {فيه} لـ (الجعل ) ، ودل عليه {جعل} ؛ فكأنه قال : يخلقكم ، ويكثركم في الجعل .

ابن قتيبة : يذرؤكم فيه أي : في الزوج ؛ أي : يخلقكم في بطون الإناث ، قال : وتكون {فيه} : في الرحم ، وفيه بعد ؛ لأن الرحم مؤنثة ، ولم يتقدم لها ذكر .

[ ص: 36 ] وقوله : ليس كمثله شيء أي : ليس كهو شيء ، ودخلت (مثل ) للتوكيد ، وقيل : الكاف زائدة ؛ للتوكيد ؛ والمعنى : ليس مثله شيء .

وقوله : شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا يعني : الإخلاص ، والتوحيد .

والذي أوحينا إليك أي : وشرع لكم من الدين الذي أوحينا إليك .

وما وصينا به إبراهيم : [أي : وشرع لكم من الدين ما وصى به إبراهيم ] ، وموسى ، وعيسى ، ثم فسر ذلك كله بقوله : أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه .

وروي : أن نوحا عليه السلام أول من جاء بتحريم الأمهات ، والأخوات ، والبنات .

وقوله : ولا تتفرقوا فيه أي : لا تتعادوا ، وكونوا إخوانا ، عن أبي العالية ، وقيل : المعنى : لا تؤمنوا ببعضه وتكفروا ببعضه .

وقوله : كبر على المشركين ما تدعوهم إليه يعني : من التوحيد .

وقوله : وما تفرقوا إلا من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم يعني : الأمم المتقدمة ، وقيل : يعني : قريشا ؛ أي : ما تفرقوا إلا من بعد ما جاءهم محمد صلى الله عليه وسلم .

بغيا بينهم أي : بغيا من بعضهم على بعض ؛ طلبا للرئاسة .

وقوله : وإن الذين أورثوا الكتاب من بعدهم يعني : وإن اليهود والنصارى [ ص: 37 ] الذين أورثوا الكتاب من بعد المختلفين في الحق ؛ لفي شك من الدين الذي وصى به الأنبياء ، و {الكتاب} ههنا : التوراة [والإنجيل ] .

وقيل : المعنى : وإن الذين أورثوا الكتاب من قريش من بعدهم أي : من بعد اليهود والنصارى- لفي شك من القرآن ، أو من محمد صلى الله عليه وسلم .

و (الشك ) : يجوز أن يكون لليهود والنصارى ، أو لقريش .

وقوله : فلذلك فادع واستقم أي : فلذلك الدين الذي وصى به الأنبياء عليهم السلام .

وقيل : (ذلك ) بمعنى : (هذا ) ؛ والمعنى : فلهذا القرآن فادع واستقم .

وقيل : في الكلام تقديم وتأخير ؛ والمعنى : كبر على المشركين ما تدعوهم إليه ؛ فلذلك فادع واستقم .

واللام بمعنى : (إلى ) على هذه الأقوال ، وقيل : هي على بابها ؛ والمعنى : فمن أجل ذلك الذي تقدم ذكره ؛ فادع ، واستقم .

والذين يحاجون في الله من بعد ما استجيب له حجتهم داحضة عند ربهم : قال مجاهد : المعنى : من بعد ما أسلم الناس ، قال : وهؤلاء قوم توهموا أن الجاهلية تعود .

قتادة : والذين يحاجون في الله : اليهود والنصارى ، و (محاجتهم ) : قولهم :

[ ص: 38 ] نبينا قبل نبيكم ، وكتابنا قبل كتابكم .

والهاء في {له} : يجوز أن تكون لله تعالى ، ويجوز أن تكون للنبي صلى الله عليه وسلم .

وقيل : نزلت في قوم من اليهود خاصموا أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في دينهم ؛ طمعا أن يردوهم عنه ، وهذا اختيار الطبري .

وقوله : وما يدريك لعل الساعة قريب يستعجل بها يعني : على طريق الاستهزاء .

وقوله : من كان يريد حرث الآخرة نـزد له في حرثه : (الحرث ) : العمل ؛ والمعنى : من أراد بعمله الآخرة ؛ وفق ، وضوعفت له الحسنات ، ومن أراد حرث الدنيا ؛ آتاه الله منها ما يشاء الله عز وجل .

وقيل : إن الآية في الغزو ؛ أي : من أراد بغزوه الآخرة ؛ أوتي الثواب ، ومن أراد الغنيمة ؛ أوتي منها .

وقوله : ترى الظالمين مشفقين مما كسبوا أي : من جزاء ما كسبوا ، و (الظالمون ) ههنا : الكفار .

وقوله : قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى : قال الحسن : المعنى : إلا أن تتوددوا إلى الله عز وجل ، وتتقربوا إليه بطاعته .

وعنه أيضا : أنها نزلت حين تفاخرت الأنصار والمهاجرون ، فقالت [ ص: 39 ] الأنصار : نحن فعلنا ، وفخر المهاجرون بقرابتهم من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وخرج عليهم النبي صلى الله عليه وسلم ، وكلم الأنصار بكلام قد ذكرته في «الكبير » .

الشعبي ، وعكرمة ، وغيرهما : المعنى : لا أسألكم عليه أجرا إلا أن تودوني لقرابتي ، فتحفظوني ، فهو على هذا استثناء منقطع .

وقوله : ومن يقترف حسنة أي : من يكتسب .

وقوله : فإن يشأ الله يختم على قلبك : هذا هو الوقف ، ثم استأنف : ويمح الله الباطل .

قال قتادة : معنى فإن يشأ الله يختم على قلبك : ينسك ما علمك .

غيره : المعنى : إن يشأ يزل تمييزك .

وقيل : المعنى : إن يشأ يختم على قلبك بالصدق والخير ، وقد فعل به ذلك .

وقيل : المعنى : إن يشأ يربط على قلبك بالصبر على أذاهم .

الزجاج : قوله : أم يقولون افترى على الله كذبا تمام ، وقوله : ويمح الله الباطل : احتجاج على من أنكر ما أتى به النبي صلى الله عليه وسلم ؛ أي : لو كان ما أتى به باطلا ؛ لمحاه ؛ كما [ ص: 40 ] جرت به عادته في المفترين .

إنه عليم بذات الصدور : قيل : هو على العموم ، حسب ما تقدم في مثله ، وقيل : المعنى : أنك لو حدثتك نفسك أن تفتري على الله كذبا ؛ لطبع على قلبك .

وقوله : ويستجيب الذين آمنوا أي : يستجيب لهم ، وقيل : المعنى : ويجيب الذين آمنوا .

المبرد : المعنى : وليستدع الذين آمنوا الإجابة .

وقوله : ويزيدهم من فضله : قيل : (الزيادة ) ههنا : أن يشفعهم في إخوان إخوانهم .

وقوله : ولو بسط الله الرزق لعباده لبغوا في الأرض : قيل : إنها نزلت في قوم من أهل الصفة تمنوا سعة الرزق .

التالي السابق


الخدمات العلمية