التحصيل لفوائد كتاب التفصيل الجامع لعلوم التنزيل

المهدوي - أبو العباس أحمد بن عمار المهدوي

صفحة جزء
التفسير :

معنى {قنطوا} : يئسوا .

وقوله : وينشر رحمته : قيل : يعني : المطر ، وقيل : ظهور الشمس بعد المطر .

وقوله : وما بث فيهما من دابة : قال مجاهد : يعني : الناس والملائكة ، وقد [ ص: 46 ] قال تعالى : ويخلق ما لا تعلمون [النحل : 8 ] .

الفراء : أراد : ما بث في الأرض دون السماء ؛ كما قال : يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان [الرحمن : 22 ] ؛ يريد : من أحدهما .

وقوله : وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم : قال الحسن : يعني : الحدود .

وقيل : {ما} بمعنى : (الذي ) ؛ والمعنى : الذي أصابكم فيما مضى بما كسبت أيديكم .

وقال علي رضي الله عنه : هذه الآية أرجى آية في كتاب الله عز وجل ، وإذا كان يكفر عنا بالمصائب ، ويعفو عن كثير ؛ فماذا يبقى بعد كفارته وعفوه ؟! وقوله : ومن آياته الجوار في البحر كالأعلام يعني بـ {الجوار} : السفن ، و (الأعلام ) : الجبال .

ومعنى {رواكد} : سواكن .

وقوله : أو يوبقهن أي : يهلكهن .

وقوله : والذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش : {الذين} : معطوف على قوله : خير وأبقى للذين آمنوا ؛ أي : وهو للذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش .

[ ص: 47 ] وقوله : والذين استجابوا لربهم وأقاموا الصلاة وأمرهم شورى بينهم أي : يتشاورون في طاعة الله عز وجل .

قال ابن زيد : نزلت في الأنصار .

وقوله : والذين إذا أصابهم البغي هم ينتصرون : قال النخعي : كانوا يكرهون أن يذلوا أنفسهم ، فيجترئ عليهم الفساق .

وتقدم القول في معنى وجزاء سيئة سيئة مثلها .

وتأول الشافعي في هذه الآية : أن للإنسان أن يأخذ من مال من خانه مثل ما خانه به من غير علمه ، واستشهد على ذلك بقول النبي صلى الله عليه وسلم لهند زوج أبي سفيان : «خذي من ماله ما يكفيك وولدك بالمعروف » ، فأجاز لها أخذ ذلك بغير رأيه ، ولم يجز ذلك كله مالك .

وقوله : ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل يعني : الانتصار بالحق .

وقوله : ولمن صبر وغفر أي : من ترك الانتصار لوجه الله عز وجل ؛ فذلك من عزم الأمور ، [وقد تقدم معنى عزم الأمور ] .

وقوله : وتراهم يعرضون عليها خاشعين من الذل ينظرون من طرف خفي أي :

[ ص: 48 ] ذليل ، عن مجاهد ، قال : وإنما ينظرون بقلوبهم ؛ لأنهم يحشرون عميا .

ابن جبير : يسارقون النظر من شدة الخوف .

وقيل : إن (الطرف ) ههنا : العين ؛ والمعنى : ينظرون من عين ضعيفة النظر ، والعرب تستعمل هذا في المريب ؛ ومنه قول الشاعر : [من الوافر ]


فغض الطرف إنك من نمير فلا كعبا بلغت ولا كلابا

كما يستعملون في ضده : (حديد النظر ) ؛ إذا لم يتهم بريبة ؛ فيكون عليه منها غضاضة .

وذهب بعض القراء إلى أن الوقف على {خاشعين} ، فقوله : من الذل على ذلك متعلق بـ {ينظرون} ، [وهو على ما تقدم متعلق بـ {خاشعين} ] .

وقوله : ما لكم من ملجإ يومئذ أي : من ملجأ ينجيكم من العذاب .

وما لكم من نكير أي : ناصر ، وهو بمعنى : ناكر ، أو منكر .

الزجاج : معناه : أنهم لا يقدرون أن ينكروا الذنوب التي يوقفون عليها .

[ ص: 49 ] وقوله : يهب لمن يشاء إناثا ويهب لمن يشاء الذكور أي : إناثا لا ذكور معهن ، أو ذكورا لا إناث معهم ، أو يهب ذكورا وإناثا ، قاله الحسن ، ومجاهد ، وغيرهما .

ابن زيد في قوله : أو يزوجهم ذكرانا وإناثا قال : يعني : التوءم .

ويجعل من يشاء عقيما أي : لا يولد له .

وقوله : وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا : قال مجاهد : يلقي في قلبه ما يشاء ، أو من وراء حجاب ؛ كما كلم موسى ، أو يرسل رسولا ؛ [كإرساله جبريل عليه السلام .

وقيل : المعنى : إلا وحيا : في المنام .

وقيل : إلا وحيا : بإرسال جبريل ، أو من وراء حجاب ؛ كما كلم موسى ، أو يرسل رسولا : إلى الناس كافة .

واحتج من رأى أن من حلف ألا يكلم رجلا ، فأرسل إليه رسولا ؛ أنه حانث ؛ بهذه الآية ؛ لأن المرسل قد سمي فيها مكلما للمرسل إليه ، إلا أن ينوي الحالف المواجهة بالخطاب .

[ ص: 50 ] وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا : قال ابن عباس : (الروح ) : النبوة ، قتادة : الرحمة .

ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان أي : لم تكن تعرف الطريق إلى الإيمان .

التالي السابق


الخدمات العلمية