التحصيل لفوائد كتاب التفصيل الجامع لعلوم التنزيل

المهدوي - أبو العباس أحمد بن عمار المهدوي

صفحة جزء
الإعراب :

وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم : إن قدرت أن {ما} الموصولة ؛ جاز حذف الفاء وإثباتها ، والإثبات أحسن ، وإن قدرت التي للشرط ؛ لم يجز الحذف عند سيبويه ، وأجازه الأخفش ، واحتج بقوله : وإن أطعتموهم إنكم لمشركون [الأنعام : 121 ] .

[ ص: 52 ] وفتح اللام من قوله : {فيظللن} هو اللغة المشهورة ، وكسرها يجوز أن يكون لغة ؛ مثل : (ضللت أضل ) .

ومن قرأ : ويعلم الذين يجادلون في آياتنا ؛ بالرفع ؛ فعلى الاستئناف بعد الشرط والجزاء ، أو على أنه خبر مبتدأ محذوف ، ومن نصب ؛ فلأن قبله شرطا وجزاء ، وكل واحد منهما غير واجب ، والنصب بعد الشرط إذا عطف عليه- أحسن من النصب بعد الجواب ، وقد جعل سيبويه العطف على الجواب بالنصب شبيه ما يأتي في الشعر من نحو : [من الوافر ]


..................... وألحق بالحجاز فأستريحا

قال : إلا أن النصب في العطف على الجزاء أمثل .

ومن جزم ؛ عطف على المجزوم .

[ ص: 53 ] والقول في كبائر الإثم و (كبير الإثم) ظاهر .

وقوله : أو يرسل رسولا فيوحي : من رفع ؛ فهو في موضع الحال ؛ والتقدير : إلا موحيا ، أو مرسلا ، وقوله : أو من وراء حجاب : جملة في موضع الحال ، والحال متعلقة بمحذوف ، وفي الظرف ضمير يعود إلى صاحب الحال .

ومن نصب ؛ عطف على معنى قوله : إلا وحيا ؛ لأن معناه : إلا أن يوحي إليه ، وانتصاب قوله : {وحيا} على الحال ، أو الاستثناء المنقطع ، فإن قدرته استثناء ؛ كانت {من} في قوله : أو من وراء حجاب متعلقة بفعل مضمر ، دل عليه : أن يكلمه الله ؛ تقديره : أو يكلمه من وراء حجاب ، ويكون (أو يكلمه ) المضمر معطوفا على قوله : {وحيا} ؛ لأنه بمعنى : أن يوحي ، وجاز إضمار هذا الفعل ؛ للدلالة عليه .

ولا يجوز أن يعلق أو من وراء حجاب بقوله : أن يكلمه الله ؛ لما في ذلك من الفصل بين الصلة والموصول بالأجنبي ؛ لأن أو من وراء حجاب معطوف [ ص: 54 ] على قوله : {وحيا} ، والمعطوف على الصلة هو منها ، ويمتنع أن يتعلق الجار بـ (يكلم ) الظاهر ؛ من حيث كان ما قبل الاستثناء لا يعمل فيما بعده إذا كان تاما ، ولا يعمل ما بعده فيما قبله ؛ لأنه بمنزلة النفي .

ويجوز أن يكون النصب على تقدير حذف الجار من (أن ) المضمرة ، ويكون في موضع الحال ؛ التقدير : أو بأن يرسل رسولا .

ولا يجوز أن يعطف أو يرسل بالنصب على أن يكلمه ؛ لفساد المعنى ؛ لأنه يصير : ما كان لبشر أن يرسله ، أو أن يرسل إليه رسولا ، وهو قد أرسل الرسل من البشر ، وأرسل إليهم .

* * *

هذه السورة مكية ، وعددها في الكوفي : ثلاث وخمسون آية ، وفي بقية العدد : خمسون .

عد الكوفي : {حم} [1 ] آية ، و {عسق} [2 ] آية ، و في البحر كالأعلام [32 ] آية ، ولم يعدهن الباقون .

* * *

التالي السابق


الخدمات العلمية