التحصيل لفوائد كتاب التفصيل الجامع لعلوم التنزيل

المهدوي - أبو العباس أحمد بن عمار المهدوي

صفحة جزء
التفسير :

قوله تعالى : هو الذي أخرج الذين كفروا من أهل الكتاب من ديارهم لأول الحشر قال عروة بن الزبير : هم بنو النضير ، صالحهم رسول الله صلى الله عليه وسلم على الجلاء ، فخرجوا بكل شيء إلا السلاح .

قال ابن عباس في قوله : لأول الحشر : هم أول من حشر من أهل الكتاب ، وأخرج من داره .

وقيل : إنهم أخرجوا إلى خيبر ، وإن معنى لأول الحشر : إخراجهم من حصونهم إلى خيبر ، و (آخره) : إخراج عمر رضي الله عنه إياهم من خيبر إلى نجد وأذرعات .

وقيل : إن آخر الحشر : حشرهم يوم القيامة .

قال عكرمة : إن شككتم أن الشام أرض المحشر؛ فاقرؤوا : لأول الحشر .

[ ص: 373 ] قتادة : تأتي نار ، فتحشر الناس من المشرق إلى المغرب ، وكذلك قال الحسن : {الحشر} : يوم القيامة .

وقوله : ما ظننتم أن يخرجوا أي : لشدتهم ، واجتماع كلمتهم .

وقوله : فأتاهم الله من حيث لم يحتسبوا أي : من حيث لم يظنوا ، وقيل : من حيث لم يعلموا .

أبو صالح : أتاهم من حيث لم يحتسبوا بقتل ابن الأشرف .

وقوله : يخربون بيوتهم بأيديهم وأيدي المؤمنين : قال قتادة : كان المؤمنون يخربون من خارج؛ ليدخلوا ، واليهود يخربون من داخل؛ ليبنوا به ما خرب من حصونهم .

الزهري ، وابن زيد : يعني : تخريبهم خشب البيوت؛ ليحملوها معهم؛ إذ صولحوا على ما حملت إبلهم .

وقوله : فاعتبروا يا أولي الأبصار : يجوز أن تكون أبصار العيون ، ويجوز أن تكون أبصار القلوب .

وقوله : ولولا أن كتب الله عليهم الجلاء لعذبهم في الدنيا أي : بالقتل والسباء .

وقوله : فما أوجفتم عليه من خيل ولا ركاب أي : أنكم لم تلقوا في غنائم بني النضير حربا ولا مؤونة ، إنما غنمتموه بغير إيجاف خيل ولا إبل ، وقيل : يعني : أموال بني قريظة .

[ ص: 374 ] يقال : أوجف الفرس؛ إذا أسرع ، وأوجفته؛ إذا حركته .

وقوله : كي لا يكون دولة بين الأغنياء منكم أي : كي لا يكون الفيء دولة ، ومن قرأ : {تكون} بالتاء؛ أراد : الغنيمة؛ والمعنى : فعلنا ذلك في هذا الفيء؛ كي لا يقسمه الأغنياء بينهم ويتداولوه دون من ذكر الله عز وجل .

و (الدولة) ؛ بالضم : نقل النعمة من قوم إلى قوم ، وهي بالفتح : المرة من الاستيلاء والغلبة .

الكسائي : (الدولة) ؛ بالضم : مثل العارية ، وبالفتح : من (دال عليهم الدهر دولة) ، و (دالت الحرب بهم) .

عيسى بن عمر : يكونان جميعا في الحرب والمال .

أبو عمرو بن العلاء : (الدولة) ؛ بالفتح : الظفر ، وبالضم : ما يتداوله الناس بينهم .

أبو الفتح : منهم من يفصل بينهما ، فيقول : (الدولة) ؛ بالفتح : في الملك ، [ ص: 375 ] وبالضم؛ في الملك ، ومنهم من لا يفصل .

وقوله : ألم تر إلى الذين نافقوا يقولون لإخوانهم الآية :

قال ابن عباس : هم عبد الله بن أبي وأصحابه؛ يعني : أنهم قالوا ذلك لقريظة [والنضير .

وقيل : هو قول بني النضير لقريظة] .

وقوله : لئن أخرجوا لا يخرجون معهم ولئن قوتلوا لا ينصرونهم ولئن نصروهم ليولن الأدبار : قيل : معناه : لا ينصرونهم طائعين ، ولئن نصروهم مكرهين؛ ليولن الأدبار .

وقيل : معنى لا ينصرونهم : لا يدومون على نصرهم ، هذا على أن الضميرين متفقان .

وقيل : إنهما مختلفان؛ والمعنى : لئن أخرج اليهود؛ لا يخرج معهم المنافقون ، ولئن قوتلوا؛ لا ينصرونهم ، ولئن نصروهم؛ أي : لئن نصر اليهود المنافقين؛ ليولن الأدبار .

وقيل : إنما قال : ولئن نصروهم ؛ على أنه أخبر عما قد أخبر أنه لا يكون؛ كيف كان يكون لو كان؟

وقيل : معنى ولئن نصروهم : ولئن شئنا أن ينصرونهم ، وزينا ذلك لهم؛ [ ص: 376 ] ليولن الأدبار .

وقوله : لأنتم أشد رهبة في صدورهم من الله يعني : صدور بني النضير .

وقوله : ذلك بأنهم قوم لا يفقهون أي : لا يفقهون قدر عظمة الله وقدرته .

[ بأسهم بينهم شديد يعني : عداوة بعضهم لبعض] .

التالي السابق


الخدمات العلمية