التحصيل لفوائد كتاب التفصيل الجامع لعلوم التنزيل

المهدوي - أبو العباس أحمد بن عمار المهدوي

صفحة جزء
الإعراب :

التشديد في {يخربون} بمعنى التكثير ، أبو عمرو : (أخربته) ؛ إذا تركته خرابا ، و (خربته) ؛ إذا هدمته .

ومن قرأ : {كي لا تكون دولة} ؛ فالمعنى : كي لا تقع دولة ، فـ (كان) تامة ، ويجوز أن تكون ناقصة ، وخبرها : بين الأغنياء منكم ، وإذا كانت تامة؛ فقوله : بين الأغنياء منكم متعلق بـ {دولة} ؛ على معنى : تداول بين الأغنياء منكم ، أو بـ {تكون} ؛ على معنى : تحدث بين الأغنياء منكم ، ويجوز أن يكون بين الأغنياء منكم وصفا لـ {دولة} .

والياء والنصب على معنى : كي لا يكون الفيء دولة .

والذين تبوءوا الدار والإيمان من قبلهم : نصب {الإيمان} على أنه محمول [ ص: 381 ] على فعل غير {تبوءوا} ، و من قبلهم : {من} : صلة {تبوءوا} ؛ المعنى : والذين تبوءوا الدار من قبل المهاجرين ، واعتقدوا الإيمان ، ولا يحمل {الإيمان} على {تبوءوا} ؛ لأن التبوؤ إنما يكون في الأماكن ، ويجوز حمله على حذف المضاف؛ كأنه قال : تبوءوا الدار ومواضع الإيمان ، ويجوز حمله على ما دل عليه {تبوءوا} ؛ كأنه قال : لزموا الدار ، ولزموا الإيمان ، فلم يفارقوهما .

ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا : فيه تقدير حذف مضافين؛ المعنى : مس حاجة من فقد ما أوتوا .

والجمع والإفراد في {جدر} ظاهر ، والمفرد يراد به الجمع .

أبو الفتح : يحتمل أن يكون {جدر} تكسير (جدار) [أيضا] ، فالألف في الواحد كألف (كتاب) ، وفي الجمع كألف (ظراف) ؛ ومثله : (ناقة هجان ، و نوق هجان) ، قال : ويدل على أن قولك : (هجان) ليس لفظا واحدا يقع على الواحد فما فوقه : قولهم : (هجانان) .

وكسر (فعال) على (فعال) ؛ كما كسر (فعيل) على (فعال) ، و (فعال) أخت [ ص: 382 ] (فعيل) ؛ من حيث كانا ثلاثيين ، وقبل آخر كل واحد منهما حرف لين ، فصار لفظ الواحد والجمع مشتبهين في اللفظ ، مختلفين في المعنى ، قال : ومثله : واجعلنا للمتقين إماما [الفرقان : 74] هو جمع (إمام) ، وهو عند الأخفش : جمع (آم) ؛ كـ (قائم ، وقيام) .

و {جدر} : مخفف من {جدر} ، و {جدر} : يجوز أن يكون معناه : من وراء نخلهم وشجرهم ، يقال : (أجدر النخل) ؛ إذا طلعت رؤوسه في أول الربيع ، و (الجدر) : نبت ، واحده : (جدرة) .

فكان عاقبتهما أنهما في النار خالدين : من جعله مخصوصا في الراهب؛ فالتثنية ظاهرة ، ومن جعله للجنس؛ فالمعنى : فكان عاقبة الفريقين ، أو الصنفين ، ونصب {عاقبتهما} على أنه خبر (كان) ، والاسم : أنهما في النار ، ورفعه على ضد ذلك .

ونصب {خالدين} على الحال ، ورفعه على أنه خبر (أن) ، والظرف ملغى .

[ ص: 383 ] المبرد : نصب {خالدين} على الحال أولى؛ لئلا يلغى الظرف مرتين ، يعني : في النار و {فيها} .

الفراء : لا يجوز إلا نصب {خالدين} ؛ لأنك إذا رفعته على خبر (أن) ؛ كان حق في النار أن يكون مؤخرا ، فيتقدم المضمر على المظهر؛ لأن التقدير عنده : فكان عاقبتهما أنهما خالدان فيها في النار ، وذلك عند البصريين جائز؛ لأنهم إنما يراعون الرتبة في اللفظ .

وفتح القاف في {القدوس} لغة فيه حكاها سيبويه ، و (فعول) في الصفات قليل ، وأكثر ما يأتي في الأسماء .

هذه السورة مدنية ، وعددها : أربع وعشرون آية بإجماع .

* * *

التالي السابق


الخدمات العلمية