التحصيل لفوائد كتاب التفصيل الجامع لعلوم التنزيل

المهدوي - أبو العباس أحمد بن عمار المهدوي

صفحة جزء
التفسير :

قوله تعالى : تلقون إليهم بالمودة : الباء متعلقة بالمصدر الذي دل عليه الفعل .

الفراء : تلقون إليهم بالمودة من صلة {أولياء} ، ودخول الباء في (المودة) [ ص: 389 ] وخروجها سواء .

ومعنى : تلقون إليهم بالمودة تخبرونهم بسرائر المسلمين ، وتنصحون لهم .

يخرجون الرسول وإياكم أن تؤمنوا بالله ربكم المعنى : يخرجون الرسول ، ويخرجونكم من مكة؛ لأن تؤمنوا بالله ربكم .

وقيل : في الكلام تقديم وتأخير؛ والتقدير : لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء إن كنتم خرجتم مجاهدين في سبيلي .

وقيل : في الكلام حذف؛ والمعنى : إن كنتم خرجتم جهادا في سبيلي ، وابتغاء مرضاتي؛ فلا تلقوا إليهم بالمودة .

[وقوله : تسرون إليهم بالمودة بدل من {تلقون} ، ومبين عنه ، وقيل : هو على تقدير : أنتم تسرون إليهم بالمودة] .

وهذا كله معاتبة لحاطب .

وقوله : عسى الله أن يجعل بينكم وبين الذين عاديتم منهم مودة يعني : بإسلام من يسلم منهم .

ابن عباس : كانت المودة بعد الفتح تزويج النبي صلى الله عليه وسلم أم حبيبة بنت أبي سفيان .

وقوله : لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين : [أي : عن صلة الذين لم [ ص: 390 ] يقاتلوكم في الدين] ، والآية نزلت في قتيلة أم أسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنه .

وقوله : يا أيها الذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات فامتحنوهن : قال ابن عباس : كانت المحنة أن تشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله .

وروى ابن وهب عن رجاله : أن هذه الآية نزلت في أميمة بنت بشر من بني عمرو بن عوف ، وهي امرأة حسان بن الدحداحة ، وتزوجها بعد هجرتها سهل بن حنيف ، قال : ونزل : ولا تمسكوا بعصم الكوافر في امرأة لعمر بن الخطاب ، وكانت كافرة ، فطلقها عمر ، وخلف عليها معاوية بن أبي سفيان .

وقيل : بل كانت له امرأتان مشركتان ، فطلقهما لما نزلت الآية ، فتزوج إحداهما معاوية ، والأخرى صفوان بن أمية .

وعن ابن عباس أيضا قال : كانت المرأة إذا جاءت النبي عليه الصلاة والسلام؛ أحلفها بالله إنها ما خرجت من بغض زوج ، ولا رغبة بأرض عن أرض ، [ ص: 391 ] ولا التماس دنيا ، وما خرجت إلا حبا لله ورسوله .

وقوله : يا أيها النبي إذا جاءك المؤمنات يبايعنك الآية : روي عن عائشة رضي الله عنها : أن المذكور في هذه الآية هو المحنة التي ذكر الله في الآية التي قبلها .

وقوله : ولا يأتين ببهتان يفترينه بين أيديهن وأرجلهن : قيل : معنى بين أيديهن : ألسنتهن ، ومعنى (بين أرجلهن) : فروجهن .

وقيل : بين أيديهن : ما كان من قبلة أو جسة ، و (بين أرجلهن) : الجماع .

وقيل : المعنى : لا يلحقن برجالهن ولدا من غيرهم .

ولا يعصينك في معروف : قال قتادة : لا يخن ، ولا تخلو امرأة منهن إلا بذي محرم .

زيد بن أسلم : هو ألا يخمشن وجها ، ولا يشققن جيبا ، ولا يدعون ويلا ، ولا ينشرن شعرا ، وروت أم عطية عن النبي عليه الصلاة والسلام : "أن ذلك في النوح" .

قوله : قد يئسوا من الآخرة كما يئس الكفار من أصحاب القبور : قال ابن مسعود :

[ ص: 392 ] معناه : أنهم تركوا العمل للآخرة ، وآثروا الدنيا ، وقيل : المعنى : يئسوا من ثواب الآخرة .

ابن زيد : هم اليهود ، وقيل : هم المنافقون ، الحسن : هم اليهود والنصارى .

ومعنى كما يئس الكفار من أصحاب القبور : كما يئس الأحياء من الكفار من أصحاب القبور أن يرجعوا إليهم ، قاله الحسن وقتادة .

مجاهد : المعنى : كما يئس الكفار الذين في القبور أن يرجعوا إلى الدنيا .

وقيل : المعنى : كما يئس الكفار الأحياء من أصحاب القبور أن يبعثوا .

التالي السابق


الخدمات العلمية