التحصيل لفوائد كتاب التفصيل الجامع لعلوم التنزيل

المهدوي - أبو العباس أحمد بن عمار المهدوي

صفحة جزء
الإعراب :

{يوم القيامة يفصل بينكم} : العامل في {يوم} : {يفصل} ، [فيوقف على {بينكم} ] ، أو {تنفعكم} ، فيوقف على {القيامة} .

ومن قرأ : {براء} ؛ فهو جمع (بريء) ؛ كـ (كريم ، وكرام) ، و {برآء} [ ص: 394 ] أيضا جمعه؛ كـ (كريم ، وكرماء) ، ويجوز جمعه على {براء} ؛ كـ (رباب) جمع (شاة ربى) ، و (أبرياء) ؛ كـ (صديق ، وأصدقاء) ، وأجاز الفراء : {إنا براء} ؛ على تقدير : ذوو براء .

أن تبروهم : يجوز أن تكون {أن} بدلا من {الذين} بدل اشتمال ، أو على تقدير : كراهة أن تبروهم ، وكذلك القول في أن تولوهم .

وإن فاتكم شيء من أزواجكم إلى الكفار فعاقبتم : معنى (عاقبتم) : أصبتم منهم عقبى ، ومعنى (عقبتم) : اتبعتم أعقاب عدوكم ، فأصبتم منهم ، وقد يستعمل (المعقب) في الذي يغزو غزوة بعد غزوة .

ومعنى (عقبتم) ؛ بالتخفيف : نلتم بعد أن فاتكم شيء من أزواجكم إلى الكفار غنيمة ، من قولهم : (عقب الليل النهار) ؛ أي : جاء بعده .

[ ص: 395 ] ومن قرأ : {فأعقبتم} ؛ فمعناه : صنعتم بهم مثل ما صنعوا بكم ، قاله مجاهد وغيره ، والعرب تقول : (أعقب فلان بخير) ، و (أعقب الأمر عقبانا ، وعقبى) ، و (عقبى حسنة) ، و (أعقبت الرجل) : كنت عقيبه .

ومن قرأ : {فعقبتم} ؛ فكأنه بمعنى : (غنمتم) ووزنه ، والقراءات كلها راجعة إلى معنى .

وقوله : ولا يأتين ببهتان يفترينه بين أيديهن وأرجلهن : يجوز أن يكون بين أيديهن وأرجلهن متعلقا بـ {يأتين} ، فيكون ظرفا لا ضمير فيه ، ويجوز أن يكون وصفا لـ(بهتان) ، وفيه ذكر للموصوف ، ولا يحسن تعلقه بـ {يفترينه} ؛ لأنه بعيد في المعنى ، إنما المعنى : لا يأتين بولد في غير الفراش ، فينسبنه إلى الفراش ، أو لا يأتين ببهتان في ما جعل القول فيه قولهن؛ كالحيض ، والحمل ، ونحوه .

وقوله : قد يئسوا من الآخرة كما يئس الكفار من أصحاب القبور : {من} الأولى متعلقة بـ {يئسوا} ، على تقدير : قد يئسوا من كون الآخرة أو ثوابها ، و {من} الثانية يجوز أن تتعلق بـ {يئس} ، فيكون التقدير : كما يئس من بعث أصحاب القبور الكفار ، ويجوز أن تتعلق بـ {الكفار} ؛ المعنى : يئسوا من ثواب الآخرة؛ كما يئس الكفار [من أصحاب القبور من ثواب الآخرة؛ أي : كما يئس الكفار] المقبورون ، [ ص: 396 ] أو يكون المعنى : يئسوا من البعث؛ كما يئس أسلافهم المقبورون منه في حياتهم ، وقد أيقنوا به حين موتهم؛ لأن الكافر يعاين الحقائق عند موته؛ كما يعاينها المؤمن .

* * *

هذه السورة مدنية ، وعددها : ثلاث عشرة آية بإجماع .

* * *

التالي السابق


الخدمات العلمية