التحصيل لفوائد كتاب التفصيل الجامع لعلوم التنزيل

المهدوي - أبو العباس أحمد بن عمار المهدوي

صفحة جزء
التفسير :

قوله تعالى : ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب : روي : أن هذا نزل بسبب مالك بن عوف الأشجعي ، وكان يشكو إلى النبي عليه الصلاة والسلام ما يجده من ابن كان له أسر ، فأطلق ولده بعد نزول هذه الآية بيسير .

وقال ابن عباس ، والشعبي : هذا في الطلاق خاصة؛ أي : من يطلق كما أمر؛ يكن له مخرج في الرجعة .

وتأول ابن مسعود ومسروق الآية على العموم ، وروي : أن النبي عليه الصلاة والسلام تلا هذه الآية ، وقال : "لو أخذ بها الناس كلهم؛ لكفتهم" .

وقوله : قد جعل الله لكل شيء قدرا أي : منتهى ، وقيل : تقديرا ، وقال السدي : هو قدر الحيض في الأجل والعدة .

[ ص: 426 ] وقوله : أسكنوهن من حيث سكنتم من وجدكم : (الوجد) : الغنى والمقدرة .

ولا تضاروهن لتضيقوا عليهن : قال مجاهد : في المسكن .

وقوله : ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله : قيل : إنه في الرضاع؛ أي : ليسترضع بقدر ما يجد ، وقيل : المعنى : من قدر عليه رزقه ، وعنده ما يبيع؛ فليبع وينفق .

[ لا يكلف الله نفسا إلا ما آتاها أي : ما يقدر عليه من النفقة] .

وقوله : وكأين من قرية عتت عن أمر ربها ورسله فحاسبناها حسابا شديدا وعذبناها عذابا نكرا : قيل : هذا في الآخرة ، وقيل : إن في الكلام تقديما وتأخيرا؛ والمعنى : فعذبناها عذابا نكرا في الدنيا ، وحاسبناها في الآخرة حسابا شديدا .

و (النكر) : المنكر ، و (الخسر) : الهلكة .

وقوله : قد أنـزل الله إليكم ذكرا رسولا : الآية :

قيل : إن المعنى : قد أنزل الله إليكم صاحب ذكر رسولا؛ فـ {رسولا} : نعت لـ(ذكر) على تقدير حذف المضاف ، وهو كقوله : وأنزلنا الحديد [الحديد : 25] ، وشبهه .

وقيل : إن {رسولا} معمولا لـ(ذكر) ؛ لأنه مصدر؛ فالتقدير : قد أنزل الله [ ص: 427 ] إليكم أن ذكر رسولا ، ويكون ذكره الرسول قوله : محمد رسول الله [الفتح : 29] ، وشبهه .

ويجوز أن يكون {رسولا} منصوبا بإضمار فعل دل عليه {أنزل} ؛ التقدير : أنزل الله إليكم ذكرا ، وأرسل رسولا .

ويجوز أن يكون {رسولا} بدلا من (ذكر) ، على أن يكون (رسول) بمعنى : رسالة ، أو على أن يكون على بابه ، ويكون محمولا على المعنى؛ كأنه قال : قد أظهر الله لكم ذكرا رسولا ، فيكون من باب بدل الشيء من الشيء وهو هو .

ويجوز أن ينتصب قوله : {رسولا} على الإغراء؛ كأنه قال : اتبعوا رسولا .

وقوله : يتلو عليكم آيات الله : نعت لـ(رسول) .

وقوله : قد أحسن الله له رزقا أي : وسع له في الجنات .

وقوله : الله الذي خلق سبع سماوات ومن الأرض مثلهن : قال ابن عباس : على كل أرض من الأرضين السبع مثل ما على هذه الأرض ، كما أن في كل سماء خلقا .

وقيل : إن معنى ومن الأرض مثلهن أي : سبع أرضين .

وقوله : يتنـزل الأمر بينهن : قال مجاهد : يتنزل من السماوات السبع إلى الأرضين السبع .

الحسن : بين كل سماءين خلق وأمر .

التالي السابق


الخدمات العلمية