التحصيل لفوائد كتاب التفصيل الجامع لعلوم التنزيل

المهدوي - أبو العباس أحمد بن عمار المهدوي

صفحة جزء
التفسير :

سأل سائل بعذاب واقع للكافرين أي : دعا داع ، عن ابن عباس ، وغيره ، والباء [يجوز أن تكون] زائدة ، ويجوز أن تكون بمعنى : (عن) ، وذلك مروي عن قتادة ، قال : كأن سائلا سأل عن العذاب ، فقيل له : للكافرين .

المبرد : هي متعلقة بالمصدر الذي دل عليه الفعل .

ابن عباس : نزلت في النضر بن الحارث بن كلدة حين قال : اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك الآية [الأنفال : 32] .

ابن زيد ، وعروة بن ثابت : {سال} : من السيلان ، و {سائل} : واد في جهنم ، هذا على قراءة من لم يهمز .

وقال الحسن : أنزل الله تعالى : سأل سائل بعذاب واقع ، فقالوا : لمن هو؟ فقال : {للكافرين} ؛ فاللام في {للكافرين} متعلقة بـ {واقع} .

[ ص: 476 ] وقيل : إن اللام بمعنى : (على) ؛ والمعنى : واقع على الكافرين ، وروي : أنها في قراءة أبي كذلك .

الفراء : المعنى : بعذاب للكافرين واقع ، ولم يجز تعلق اللام بـ {واقع} .

ليس له دافع من الله ذي المعارج أي : ليس له من الله دافع ] ، قاله ابن عباس ، وقوله : ذي المعارج أي : ذي العلو ، والدرجات الفواضل ، والنعم ، قاله ابن عباس ، وقيل : نسب {المعارج} التي تعرج الملائكة فيها إلى نفسه عز وجل .

تعرج الملائكة والروح إليه في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة أي : مقدار الحكم فيه لو تولاه مخلوق- خمسون ألف سنة ، قاله عكرمة .

مجاهد : تعرج الملائكة من الأرض السابعة إلى السماوات السبع في مسافة هذا مقدارها ، وعنه أيضا : الدنيا خمسون ألف سنة ، لا يدري أحدكم ما مضى منها؟ ولا كم بقي؟

وقيل : في الكلام تقديم وتأخير؛ والمعنى : بعذاب واقع ، في يوم كان مقداره [ ص: 477 ] خمسين ألف سنة للكافرين؛ أي : هو في صعوبته على الكافرين كهذا المقدار ، ثم قال : تعرج الملائكة والروح إليه ، فاصبر صبرا جميلا .

وقال ابن عباس : هو يوم القيامة .

وقوله : إنهم يرونه بعيدا يعني : العذاب ، وقال الأعمش : البعث .

وقوله : يوم تكون السماء كالمهل : تقدم القول في (المهل) .

وتكون الجبال كالعهن أي : كالصوف ، واحدته : (عهنة) .

ولا يسأل حميم حميما أي : لا يسأل حميم عن حميم ، وقيل : المعنى : أن بعضهم يرى بعضا ، فلا يسأله؛ لشغله بما هو فيه ، قاله قتادة .

ومن ضم الياء من {يسأل} ؛ فالمعنى : لا يطلب قريب من قريب؛ لأن كل واحد من أهل الجنة والنار له علامة يعرف بها .

وقوله : {يبصرونهم} أي : يبصر كل إنسان قريبه ، فيعرفه .

ابن عباس : يبصر بعضهم بعضا ، فيتعارفون ، ثم يفر بعضهم من بعض ، فالضمير في (يبصرون) - على هذا- للكفار ، والهاء والميم للأقرباء .

وقال مجاهد : المعنى : يبصر الله المؤمنين الكفار في القيامة ، فالضمير في [ ص: 478 ] (يبصرون) للمؤمنين ، والهاء والميم [للكفار .

ابن زيد : المعنى : يبصر الله الكفار في النار الذين أضلوهم في الدنيا ، فالضمير في (يبصرون) للتابعين ، والهاء والميم] للمتبوعين .

وقوله تعالى : وفصيلته التي تؤويه يعني : عشيرته الأدنين الذين يضمونه .

ومن في الأرض جميعا أي : ويود لو افتدى بمن في الأرض جميعا .

ثم ينجيه : [أي : ثم ينجيه] الافتداء .

وقوله : {كلا} أي : ليس الأمر كما ظن .

إنها لظى : {لظى} : اسم من أسماء جهنم .

نـزاعة للشوى : قال ابن زيد : (الشوى) : الآراب ، قال : تقطع عظامهم ، ثم تحرق ، وتبدل جلودهم .

ابن جبير : (الشوى) : العصب ، والعقب .

[ ص: 479 ] الحسن : (الشوى) : الهام .

أبو رزين : جلدة الرأس .

مجاهد : الجلد ، وعنه أيضا : الأطراف .

وقوله : تدعو من أدبر وتولى أي : أدبر عن الحق ، وتولى عنه .

[ وجمع فأوعى أي] : وجمع المال ، فأوعاه؛ أي : جعله في وعائه ، ومنع منه حق الله عز وجل .

ومعنى {تدعو} : تطلب ، وتريد .

الخليل : دعاؤها إياهم : ما تفعله بهم .

وقوله : إن الإنسان خلق هلوعا يعني : الكافر ، عن الضحاك ، و (الهلع : أشد الجزع ، وكذلك قال قتادة وغيره؛ فالمعنى : أنه لا يصبر في خير ولا شر .

عكرمة : هو الضجور ، الحسن : البخيل بالخير .

وقوله : إلا المصلين : دال على أن ما قبله في الكفار .

قال النخعي : المراد بـ (الصلاة) ههنا : المكتوبة .

ابن مسعود : هو صلاتها لوقتها ، فأما تركها؛ فكفر .

وقوله : فمال الذين كفروا قبلك مهطعين : قيل : معناه : ما بال الذين كفروا يسرعون [ ص: 480 ] إلى السماع منك؛ ليعيبوك ، ويستهزئوا بك ؟ وقيل : معناه : ما بالهم مسرعين في التكذيب لك؟

وقوله : عن اليمين وعن الشمال عزين أي : متفرقين .

ابن عباس : عصبا يستهزئون بالنبي عليه الصلاة والسلام .

أبو عبيدة : {عزين} : جماعات في تفرقة .

وقيل : المعنى : متفرقين في أديانهم ، مخالفين للإسلام .

وواحدة {عزين} : (عزة) ، جمع بالواو والنون؛ ليكون ذلك عوضا مما حذف منها ، وأصلها : (عزهة) ، فاعتلت؛ كما اعتلت (سنة) في من جعل أصلها : (سنهة) ، وقيل : أصلها : (عزوة) من (عزاه يعزوه) ؛ إذا أضافه إلى غيره ، فكل واحدة من الجماعات مضافة إلى الأخرى ، فالمحذوف منها الواو .

وقوله : إنا خلقناهم مما يعلمون أي : أنهم يعلمون أنهم مخلوقون من نطفة ، ثم من علقة ، ثم من مضغة؛ كما خلق سائر جنسهم ، فليس لهم فضل يستوجبون به الجنة ، وإنما تستوجب بالإيمان ، والعمل الصالح ، ورحمة الله عز وجل .

[ ص: 481 ] وقوله : فلا أقسم برب المشارق والمغارب : (لا) : صلة؛ والمعنى : فأقسم ، و {المشارق} : مشارق الشتاء والصيف ، وكذلك {المغارب} .

وقوله : وما نحن بمسبوقين أي : لا يفوتنا أمر نريده .

وقوله : يوم يخرجون من الأجداث أي : من القبور .

كأنهم إلى نصب يوفضون : قال الحسن : كانوا يبتدرون إذا طلعت الشمس إلى نصبهم التي كانوا يعبدونها من دون الله ، لا يلوي أولهم على آخرهم .

و (النصب) و (النصب)) مثل : (الضعف والضعف) ، ويجوز أن يكون (النصب) مخففا من (النصب) ، و (النصب) : جمع (نصاب) ؛ وهو حجر أو صنم يذبح عليه ، وقيل : هو جمع (نصب) ؛ كـ (سقف ، وسقف) .

التالي السابق


الخدمات العلمية