التحصيل لفوائد كتاب التفصيل الجامع لعلوم التنزيل

المهدوي - أبو العباس أحمد بن عمار المهدوي

صفحة جزء
الإعراب :

قوله : إما شاكرا وإما كفورا : حالان من الهاء في {فجعلناه} ؛ والتقدير : إما نخلقه شاكرا ، وإما كفورا ، وأجاز الكوفيون كون (إن) للجزاء ، و (ما) زائدة ، ولم يجزه البصريون؛ إذ لا تدخل (إن) للجزاء على الأسماء ، إلا أن يضمر بعدها فعل ، ولو أضمر ههنا؛ للزم رفع (شاكر) و (كفور) ، ومع ذلك؛ فليس يكون في الكلام دليل على الفعل المضمر .

وترك صرف {سلاسلا} و {قواريرا} ظاهر ، ومن صرفهما؛ فلأن هذه الجموع أشبهت الآحاد ، [فجمعت جمع الآحاد] ، فجعلت في حكم الآحاد؛ فصرفت ، وحكى الأخفش عن العرب صرف جميع ما لا ينصرف إلا (أفعل منك) .

وقوله : عينا يشرب بها عباد الله : قيل : إن {عينا} بدل من {كافورا} ، وقيل : بدل من {كأس} على الموضع ، وقيل : هي حال من المضمر في {مزاجها} ، وقيل : هي منصوبة بإضمار فعل؛ كأنه قال : ويشربون ماء عين ، وإنما يصح كون قوله : {عينا} بدلا من {كافورا} إذا كان {كافورا} اسم ماء في الجنة ، فإن كان صفة للشرب؛ لم يصح كون {عينا} بدلا من {كافورا} ، وكان انتصابها على الوجوه الأخر .

[ ص: 556 ] متكئين فيها على الأرائك : حال من الهاء والميم في {جزاهم} ، والعامل فيه (جزى) ، ولا يعمل فيه {صبروا} ؛ لأن الصبر إنما كان في الدنيا ، والاتكاء في الآخرة .

ودانية عليهم ظلالها : نصبها على تقدير : وجزاهم إسكان جنة دانية ، وقيل : هي حال معطوفة على {متكئين} ، و (الظلال) مرفوعة بـ {دانية} ، ولو قرئ برفع {دانية} على أن تكون (الظلال) مبتدأة ، و {دانية} الخبر؛ لجاز ، وتكون الجملة في موضع الحال من الهاء والميم في {جزاهم} .

وقوله : قدروها تقديرا : الضمير في {قدروها} للخزان ، أو للملائكة ، أو لأهل الجنة ، ومن قرأ : {قدروها} ؛ فهو راجع إلى معنى القراءة الأخرى ، وكأن الأصل : قدروا عليها ، فحذف حرف الجر؛ والمعنى : قدرت عليهم .

وقوله : عينا فيها تسمى سلسبيلا : {عينا} : بدل من (كأس) ، ويجوز أن ينتصب بإضمار فعل .

وقوله : وإذا رأيت ثم رأيت نعيما : {رأيت} الأول غير معدى إلى مفعول ، [ ص: 557 ] و {ثم} ظرف ، وقال الفراء ، والأخفش : {ثم} مفعول به لـ {رأيت} ، والتقدير عند الفراء : وإذا رأيت ما ثم؛ فحذفت (ما) المفعولة ، وقامت (ثم) مقامها ، وحذف الموصول وإقامة صلته مقامه عند البصريين غير جائز .

ومن قرأ : {عاليهم} ؛ فهو مرفوع بالابتداء ، والخبر : ثياب سندس ، واسم الفاعل يراد به الجمع ، ويجوز في قول الأخفش أن يكون إفراده على أنه بمعنى فعل متقدم ، و {ثياب} مرتفعة به ، وسدت مسد الخبر ، والإضافة فيه على تقدير الانفصال؛ لأنه لم يمض ، وابتدئ به؛ لأنه اختص بالإضافة .

ومن قرأ : {عاليهم} ؛ فهو منصوب على الحال ، والعامل في الحال يجوز أن يكون {لقاهم} ، أو {جزاهم} ، ويجوز أن يكون اسم الفاعل ظرفا؛ كقولهم : (هو ناحية من الدار) ، وعلى أن (عاليا) لما كان بمعنى : (فوق) ؛ أجري مجراه ، فجعل ظرفا . ومن رفع {خضر} ، [وجر {إستبرق} ؛ فـ {خضر} صفة لـ {ثياب} ، [ ص: 558 ] و {إستبرق} اسم جنس أضيفت (الثياب) إليه؛ كما أضيفت إلى (سندس) ، ويقويه قوله : ويلبسون ثيابا خضرا من سندس وإستبرق [الكهف : 31] .

ومن جر {خضر} ]؛ جعله وصفا لـ {سندس} ؛ على الحمل على المعنى؛ لأن الثياب من السندس ، وأجاز الأخفش وصف اسم الجنس بالجمع على استقباح له .

ومن قرأ برفع {وإستبرق} ؛ عطفه على (الثياب) ؛ والمعنى : وثياب إستبرق ، فحذف المضاف .

وتقدم القول في حذف همزة {إستبرق} ، وفتح قافه .

والقول في : والظالمين أعد لهم في نصبه ورفعه ظاهر .

* * *

هذه السورة مكية ، وعددها : إحدى وثلاثون آية بغير اختلاف .

التالي السابق


الخدمات العلمية