التحصيل لفوائد كتاب التفصيل الجامع لعلوم التنزيل

المهدوي - أبو العباس أحمد بن عمار المهدوي

صفحة جزء
التفسير:

إذا الشمس كورت : معنى كورت في قول ابن عباس: أدخلت في العرش، الضحاك: أذهبت، قتادة: أذهب ضوءها، وروي ذلك أيضا عن ابن عباس، [ ص: 39 ] ومجاهد، وغيرهما.

الربيع بن خثيم: رمي بها.

وإذا النجوم انكدرت : قال مجاهد، وقتادة، وغيرهما: تناثرت، قيل: تتناثر من أيدي الملائكة; لأنهم يموتون، وفي الخبر: "أنها معلقة بين السماء والأرض بسلاسل بأيدي الملائكة".

ابن عباس: {انكدرت}: تغيرت، وأصل (الانكدار): الانصباب.

وقوله: وإذا العشار عطلت : {العشار}: النوق التي أتى عليها عشرة أشهر من حملها، عن مجاهد، وغيره، وواحدها: (عشراء)، وقد تسمى بذلك إلى أن تلد، وبعيد ذلك، و العشار : أعز ما يكون عند العرب، واهتمامهم بها أشد، فأخبر أنها تعطل يوم القيامة.

وقوله: وإذا الوحوش حشرت أي: جمعت، عن الحسن، وقتادة.

ابن عباس: (حشرها): موتها.

وقوله: وإذا البحار سجرت أي: أوقدت، فصارت نارا، عن ابن عباس، وأبي.

الحسن: يبست، الضحاك: فاضت، قتادة: غار ماؤها، فذهب، وقيل: هي بحار في جهنم تسجر يوم القيامة; أي: تملأ بأنواع العذاب.

[ ص: 40 ] وقوله: وإذا النفوس زوجت : قيل: المعنى: قرن كل إنسان بشكله من أهل الجنة، أو أهل النار، قاله عمر وابن عباس رضي الله عنه.

الضحاك، وعكرمة: المعنى: أن النفوس تقرن بأجسادها; أي: ترد إليها، وقيل: يقرن الغاوي بمن أغواه من شيطان أو إنسان، وقيل: يقرن المؤمنون بالحور، والكافرون بالشياطين.

وقوله: وإذا الموءودة سئلت يعني: البنت تدفن وهي حية، سميت موءودة; لأنها تثقل بالتراب، وسؤال الموءودة على وجه التوبيخ لقاتلها، فسئلت وهي لا تعقل; كما يقال للطفل الذي لا يعقل إذا ضرب: (لم ضربت؟ وما ذنبك؟)، وقيل: إنها تكون يومئذ كاملة في العقل وغيره.

وقيل: معنى {سئلت}: سئل عنها; كما قال: إن العهد كان مسئولا [الإسراء: 34]; أي: مسؤولا عنه.

وقوله: وإذا الصحف نشرت أي: نشر ما فيها من أعمال بني آدم.

وقوله: وإذا السماء كشطت أي: كشطت عما فيها; كما يكشط الجلد عن الكبش وغيره، و (الكشط) و (القشط) سواء; وهو القلع.

وقوله: وإذا الجحيم سعرت أي: هيج نارها حتى تتأجج.

وقوله: وإذا الجنة أزلفت أي: قربت لأهلها.

وقوله: علمت نفس ما أحضرت أي: من خير أو شر.

[ ص: 41 ] وقوله: فلا أقسم بالخنس : (لا): زائدة، و (الخنس) مختلف فيها; قال علي رضي الله عنه:

هي الدراري السبعة، وفي رواية أخرى: الخمسة، ذكر المشتري، وعطارد، والزهرة، والمريخ، وزحل، ولم يذكر الشمس والقمر.

الحسن: هي النجوم تخنس بالنهار; أي: ترجع في مجراها، يقال: (خنست عن الرجل); إذا تأخرت عنه، ويقال أيضا: (خنست عنه); إذا استترت عنه، فالنجوم أيضا تستتر بالنهار.

قال الحسن: و الكنس : النجوم أيضا; والمعنى: أنها تستقر في مغيبها، وروي نحوه عن مجاهد وقتادة وغيرهما في (الخنس) و {الكنس}; يقال: (كنست الوحشية في الكناس); إذا غابت فيه بعد طلوع الشمس، فكذلك النجوم، و (الكناس): بيت تتخذه الوحشية من الشجر تختفي فيه.

وعن ابن عباس، وسعيد بن جبير، وغيرهما: أنها الظباء.

وعن ابن مسعود، والنخعي، وغيرهما: أنها بقر الوحش، والواحدة [على هذا: (خنساء)، قيل لها ذلك; لقصر أنوفها، وقيل]: هو جمع (خانس)، و (كانس).

وقوله: والليل إذا عسعس أي: أدبر بظلامه، عن ابن عباس ومجاهد وغيرهما، [ ص: 42 ] وروي عنهما أيضا وعن الحسن وغيره: أقبل بظلامه.

زيد بن أسلم: عسعس : ذهب.

الفراء: العرب تقول: (عسعس الليل)، و (سعسع); إذا لم يبق منه إلا يسير.

الخليل، وغيره: (عسعس الليل); إذا أقبل، أو أدبر.

المبرد: هو من الأضداد; ومعناه: لم يستكمل ظلمته، وذلك يصلح لأوله وآخره.

وقوله: والصبح إذا تنفس أي: أسفر، وامتد ضوءه، وقيل: أقبل وتبين.

الفراء: إذا ارتفع النهار.

وتقدم القول في: إنه لقول رسول كريم ، وهو جواب القسم.

وقوله: ذي قوة عند ذي العرش مكين : من جعله جبريل عليه السلام; فقوته ظاهرة، ومن جعله محمدا صلى الله عليه وسلم; فالمعنى: ذي قوة على تبليغ الوحي.

وقوله: {مطاع} أي: تطيعه الملائكة في السماء، على أنه جبريل، أو يطيعه من أطاع الله عز وجل، إذا كان محمدا صلى الله عليه وسلم.

وقوله: وما صاحبكم بمجنون يعني: محمدا صلى الله عليه وسلم.

وقوله: ولقد رآه بالأفق المبين أي: الناحية التي تتبين فيها الأشياء; فيرى ما قبلها.

[ ص: 43 ] وقوله: وما هو على الغيب بضنين} أي: ببخيل، في من قرأه بالضاد، ومن قرأه بالظاء; فمعناه: بمتهم.

وما هو بقول شيطان رجيم أي: ليس بكهانة.

وقوله: {فأين تذهبون : [أي: فأين تذهبون] عن الحق؟

وقوله: إن هو إلا ذكر للعالمين يعني: القرآن.

لمن شاء منكم أن يستقيم} أي: يتبع الحق، وروي: أن أبا جهل- لعنه الله- قال حين نزلت هذه الآية: الأمر إلينا، إن شئنا أن نستقيم، وإن شئنا لم نستقم، فنزلت: {وما تشاءون إلا أن يشاء الله رب العالمين .

التالي السابق


الخدمات العلمية