التحصيل لفوائد كتاب التفصيل الجامع لعلوم التنزيل

المهدوي - أبو العباس أحمد بن عمار المهدوي

صفحة جزء
التفسير:

(المطففون): الذين يبخسون الكيل والوزن، ويظهرون أنهم يوفون.

وروي: أن أهل المدينة كانوا من أخبث الناس كيلا ووزنا، فلما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة; نزلت هذه السورة، قاله ابن عباس.

وقوله: اكتالوا على الناس : على عند الطبري بمعنى: (من)، [ومعنى (اكتلت عليه): أخذت ما عليه، و (اكتلت منه); أي: استوفيت منه].

وقوله: وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون أي: كالوا لهم، [أو وزنوا لهم]، فحذفت اللام، فتعدى الفعل، قاله الأخفش، والفراء.

عيسى بن عمر: المعنى: وإذا كالوا هم، أو وزنوا هم، فجعل {هم} للتوكيد، وينبغي على هذه أن تكون بعد الواو ألف، وليست في المصحف كذلك.

وقوله: كلا إن كتاب الفجار لفي سجين} : قال ابن عباس، ومجاهد: يعني: الأرض [ ص: 53 ] السابعة، وقال كعب، وقال: تحتها أرواح الكفار، تحت خد إبليس، وعن كعب أيضا قال: سجين : شجرة سوداء تحت الأرض السابعة، مكتوب فيها اسم كل شيطان، تلقى أنفس الكفار عندها.

مجاهد: المعنى: عملهم تحت الأرض السابعة، لا يصعد منه شيء، قال:

و {سجين}: صخرة في الأرض السابعة.

وعن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال:" {سجين} جب في جهنم، وهو مفتوح"، وقال في {الفلق}: "إنه جب في جهنم مغطى".

أبو عبيدة: سجين : [حبس] شديد.

وقيل: أصله: (سجيل); فأبدلت اللام نونا، وقد تقدم ذلك.

وقوله: كتاب مرقوم أي: مكتوب فيه أعمال الكفار.

وقوله: كلا بل ران على قلوبهم أي: غلب على قلوبهم ما اكتسبوه من المعاصي.

الحسن، وقتادة: (الرين): الذنب على الذنب حتى يموت القلب.

أبو هريرة عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال: "إذا أذنب العبد الذنب; [ ص: 54 ] كانت في قلبه نكتة سوداء، فإن تاب صقل قلبه، فإن زاد زادت حتى يسود قلبه، قال: فذلك قوله: كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون .

وقوله: كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون : في هذا دليل على أن الأبرار غير محجوبين عن رؤية الله عز وجل في الآخرة، قاله مالك بن أنس، وغيره.

وقوله: كلا إن كتاب الأبرار لفي عليين : قيل: يعني: السماء السابعة، فيها أرواح المؤمنين، قاله مجاهد والضحاك وغيرهما، وعن الضحاك أيضا: هي عند سدرة المنتهى.

ابن عباس: هي الجنة.

قتادة: هي فوق السماء السابعة عند قائمة العرش اليمنى.

وقيل: عليون : أعلى الأمكنة.

وقيل: معناه: علو في علو مضاعف; ولذلك جمع بالواو والنون، وهو معنى قول الطبري.

وقيل: إن {عليين} صفة للملائكة.

وقوله: يشهده المقربون : [قال ابن عباس والضحاك: أهل كل سماء.

[ ص: 55 ] وقوله: على الأرائك ينظرون أي: ينظرون إلى نعم الله عز وجل عليهم، وعن النبي صلى الله عليه وسلم: "ينظرون إلى أعدائهم في النار".

وقوله: يسقون من رحيق مختوم ختامه مسك ]: قال ابن مسعود، وابن عباس، وغيرهما: (الرحيق): الخمر، وقيل: هي الخمر الصافية الخالصة من الغش.

ومعنى {مختوم}: مخلوط.

وقوله: ختامه مسك أي: خلطه مسك، عن ابن مسعود.

ابن عباس، والحسن، وغيرهما: المعنى: أنه توجد رائحة المسك عند آخر شربه.

قتادة: عاقبته مسك.

مجاهد، وابن زيد: ختم إناؤه بالمسك بدل الطين.

أبو الدرداء: هو شراب أبيض مثل الفضة، يختمون به شرابهم.

وقوله: ومزاجه من تسنيم * عينا يشرب بها المقربون قال ابن مسعود [ ص: 56 ] وابن عباس: تسنيم : أشرف شراب في الجنة، يشرب منه المقربون صرفا، ويمزج لسائر أهل الجنة.

مجاهد: من تسنيم أي: من علو; فالمعنى: من عين تنصب عليهم من علو.

ابن زيد: بلغنا أنها عين تخرج من تحت العرش.

وقوله: إن الذين أجرموا كانوا من الذين آمنوا يضحكون يعني: استهزاء الكفار بالمؤمنين.

وتقدم القول في {فاكهين}، و {فكهين}.

وقوله: وما أرسلوا عليهم حافظين أي: لم يرسل الكفار حافظين على المؤمنين.

إن الذين أجرموا كانوا من الذين آمنوا يضحكون يعني: إذا نظروا إليهم من الجنة وهم في النار يعذبون.

وقوله: هل ثوب الكفار ما كانوا يفعلون : [أي: هل أعطوا إذا فعل بهم ذلك ثواب أعمالهم؟

وقيل: إنه متعلق بـ ينظرون ; أي: ينظرون هل ثوب الكفار ما كانوا يفعلون؟].

وقيل: هو على إضمار القول; والمعنى: يقول بعض المؤمنين لبعض: هل ثوب [ ص: 57 ] الكفار ما كانوا يفعلون؟

ومعنى {ثوب}: رجوع ما يرجع إليهم من مجازاة ربهم.

التالي السابق


الخدمات العلمية