السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

صفحة جزء
99 (باب لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض)

وقال النووي: (باب بيان معنى قوله لا ترجعوا...الخ) .

(حديث الباب)

وهو بصحيح مسلم \ النووي ص 56 ج2 المطبعة المصرية

[عن عبد الله بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في حجة الوداع: [ ص: 211 ] «ويحكم -أو قال ويلكم- لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض» .]


(الشرح)

(عن عبد الله بن عمر؛ «عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في حجة الوداع ) : سميت بذلك: لأن النبي صلى الله عليه وسلم ودع الناس فيها، وعلمهم في خطبته فيها أمر دينهم، وأوصاهم بتبليغ الشرع فيها إلى من غاب عنها، فقال: «ليبلغ الشاهد منكم الغائب» ، والمعروف في الرواية «بفتح الحاء» ، وقال الهروي وغيره من أهل اللغة: المسموع من العرب في واحدة «الحجج» «حجة» بكسر الحاء. قالوا: والقياس «فتحها» لكونها اسما للمرة الواحدة، وليست عبارة عن الهيئة حتى تكسر.

قالوا: فيجوز الكسر بالسماع؛ والفتح بالقياس.

(ويحكم: أو قال: «ويلكم، قال عياض: هما «كلمتان» استعملتهما العرب بمعنى التعجب، والتوجع.

قال سيبويه: «ويل» كلمة لمن وقع في هلكة. «وويح» ترحم وحكي عنه «ويح» زجر. لمن أشرف على الهلكة.

وقال غيره: لا يراد بهما «الدعاء بإيقاع الهلكة» ، ولكن الترحم والتعجب.

وعن عمر رضي الله عنه «ويح» كلمة رحمة.

وقال الهروي «ويح» لمن وقع في هلكة لا يستحقها فيترحم عليه، [ ص: 212 ] ويرثي له «وويل» للذي يستحقها ولا يترحم عليه.

«لا ترجعوا بعدي» أي: بعد فراقي من موقفي هذا، «وكان يوم النحر بمنى» ، أو بعدي بمعنى «خلافي» . أي: لا تخلفوني في أنفسكم بغير الذي أمرتكم به.

أو يكون تحقق صلى الله عليه وسلم أن هذا لا يكون في حياته، فنهاهم عنه بعد مماته.

(كفارا يضرب ) ، بضم الباء الموحدة (بعضكم رقاب بعض ) .

قيل في معناه سبعة أقوال: «أحدها» أن ذلك كفر في حق المستحل بغير حق، و «الثاني» المراد: كفر النعمة وحق الإسلام، «والثالث» أنه يقرب من الكفر ويؤدي إليه «والرابع» أنه فعل كفعل الكفار.

«والخامس» والمراد «حقيقة الكفر» . ومعناه: لا تكفروا؛ بل دوموا مسلمين «والسادس» حكاه الخطابي وغيره، أن المراد «المتكفرون بالسلاح» .

قال الأزهري: يقال للابس السلاح «كافر» :

«والسابع» قاله الخطابي معناه: لا يكفر بعضكم بعضا، فتستحلوا قتال بعضكم بعضا.

قال النووي: وأظهر الأقوال «الرابع» ، وهو اختيار القاضي عياض.

قلت: بل أظهرها القول الخامس. ويدل له قوله تعالى:

ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون .

التالي السابق


الخدمات العلمية