السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

صفحة جزء
1658 (باب في الحث على النفقة)

وزاد النووي : (وتبشير المنفق بالخلف) .

(حديث الباب)

وهو بصحيح مسلم \ النووي ص 79-80 ج 7 المطبعة المصرية

[عن أبي هريرة، يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم، قال: "قال [ ص: 531 ] الله تبارك وتعالى: (يا ابن آدم! أنفق أنفق عليك.) وقال: "يمين الله ملأى" وقال ابن نمير: ملآن سحاء لا يغيضها شيء الليل والنهار " ].


(الشرح)

(عن أبي هريرة ) رضي الله عنه (يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم، قال: قال الله تبارك وتعالى: يا ابن آدم ! أنفق أنفق عليك) .

هو معنى قوله عز وجل: وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه .

فيتضمن الحث على الإنفاق " معنى": في وجوه الخير، والتبشير بالخلف من فضل الله تعالى.

(وقال: "يمين الله ملأى " - وقال ابن نمير: ملآن -) .

قالوا: وهو غلط منه. وصوابه: " ملأى " كما في سائر الروايات.

وملآن بسكون اللام، وبفتحها بلا همز، بالنون .

(سحاء) بالتنوين على المصدر. وهذا هو الأصح الأشهر. وبالمد على الوصف: صفة لليد.

[ ص: 532 ] "والسح": الصب الدائم.

(لا يغيضها شيء الليل والنهار) منصوبان على الظرف.

والمعنى: لا ينقصها. يقال: غاض الماء، وغاضه الله تعالى، لازم ومتعد.

وهذا الحديث، من أحاديث الصفات.

وفيه: إثبات "اليمين" لله تعالى. وإثبات صفة الملأ والسح لليد.

وحكى عياض عن المازري: أن هذا مما تأول، فذكره وذكر إرادة القدرة باليد، ونقل ذلك عنه النووي بتمامه.

وإني لا أرضى بالتأويل، في أمثال هذه الصفة.

والصحيح المختار فيها: مذهب السلف الصالح. وهو الإيمان بها، والاعتراف لها، من دون تكييف ولا تمثيل، وإجراؤها على ظاهرها من غير تأويل ولا تعطيل.

انظر " كتاب الجوائز والصلات "، تعرف الحق في هذه المسألة.

ولا عليك أن لا تقبل تأويل الجاهلين، وانتحال المبطلين، وتحريف الغالين، من طوائف المتكلمين، فإن دين الله بين الجاني والغالي.

وقد ثبت في صحيح مسلم وغيره، في رواية أخرى عنه مثله، [ ص: 533 ] وزاد مسلم فيها:

("أرأيتم ما أنفق مذ خلق السماء والأرض. فإنه لم يغض ما في يمينه ؟ ". قال: " وعرشه على الماء. وبيده الأخرى القبض: يرفع ويخفض ") .

وأول المازري قوله: " بيده الأخرى " - أيضا - بالقدرة. وحمله على المجاز. وليس بشيء.

قال عياض : معنى " القبض ": الموت.

وروي: "الفيض " بالفاء. وهو الإحسان والعطاء والرزق الواسع.

والأول هو المشهور المعروف.

وقال البكراوي: "الفيض " بالفاء: الموت. يقال: فاضت نفسه، إذا مات. وهذا لغة "قيس".

وتقول طيء: "فاظت نفسه " بالظاء. وقيل: إذا ذكرت النفس، فبالضاد. وإذا قيل: "فاظ" من غير ذكر " النفس "، فبالظاء.

وجاء في رواية أخرى: (وبيده الميزان: يخفض ويرفع) .

التالي السابق


الخدمات العلمية