السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

صفحة جزء
1685 (باب قبول الصدقة من الكسب الطيب وتربيتها)

وقال النووي : (باب بيان أن اسم " الصدقة "، يقع على كل نوع من المعروف) .

(حديث الباب)

وهو بصحيح مسلم \ النووي ص 99 ج7 المطبعة المصرية

[عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا [ ص: 582 ] يتصدق أحد بتمرة، من كسب طيب، إلا أخذها الله بيمينه، فيربيها كما يربي أحدكم فلوه أو قلوصه، حتى تكون مثل الجبل أو أعظم" .]
(الشرح)

(عن أبي هريرة ) رضي الله عنه (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا يتصدق أحد بتمرة، من كسب طيب، إلا أخذها الله بيمينه) .

وفي رواية: "ما تصدق أحد بصدقة من طيب، (ولا يقبل الله إلا الطيب) إلا أخذها الرحمن بيمينه".

والمراد بالطيب هنا: الحلال.

وفيه: إثبات اليمين " لله تعالى"، بلا كيف. وهو مذهب السلف.

وذهب الخلف إلى التأويل الذي ذكره النووي في هذا المقام، عن المازري وعياض .

وليس بصحيح مختار. كما أشرنا إلى ذلك مرارا.

(فيربيها كما يربي أحدكم فلوه) .

قال أهل اللغة: (الفلو) : المهر. سمي بذلك؛ لأنه فلي عن أمه.

أي: فصل وعزل.

[ ص: 583 ] (والفصيل) : ولد الناقة، إذا فصل من إرضاع أمه.

"فصيل". بمعنى: مفصول، كجريح وقتيل، بمعنى: مجروح ومقتول.

وفي (الفلو) لغتان فصيحتان. أفصحهما وأشهرهما: فتح الفاء وضم اللام وتشديد الواو.

والثانية: كسر الفاء، وإسكان اللام وتخفيف الواو.

(أو قلوصه) بفتح القاف وضم اللام. هي الناقة الفتية. ولا تطلق على الذكر.

(حتى تكون مثل الجبل، أو أعظم) .

وفي رواية: "وإن كانت تمرة، فتربو في كف الرحمن، حتى تكون أعظم من الجبل. كما يربي أحدكم فلوه، أو فصيله".

قال المازري: كني عن تضعيف أجرها بالتربية.

وقال غيره: المراد بذلك: تعظيم أجرها، وتضعيف ثوابها.

قال عياض : ويصح أن يكون على ظاهره. وأن تعظم ذاتها ويبارك الله تعالى فيها، ويزيدها من فضله، حتى تثقل في الميزان.

قال النووي : وهذا الحديث مثل قول الله تعالى:

يمحق الله الربا ويربي الصدقات . انتهى.

وأقول: إجراء هذا الحديث على ظاهره، هو الأولى والأصح.

[ ص: 584 ] وفيه: إثبات (الكف) لله تعالى. وهو أيضا على ظاهره مثل (اليمين) .

ولا يرضى أهل علم الحديث، من السلف والخلف إلا بذلك.

والتأويل فرع التكذيب، إن كنت تعقل ولا تريب.

التالي السابق


الخدمات العلمية