السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

صفحة جزء
1730 (باب من تحل له المسألة)

ومثله في النووي .

(حديث الباب)

وهو بصحيح مسلم \ النووي ص 133 - 134 ج 7 المطبعة المصرية

[عن قبيصة بن مخارق الهلالي، قال تحملت حمالة، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أسأله فيها. فقال: "أقم حتى تأتينا الصدقة فنأمر لك بها".

قال: ثم قال: "يا قبيصة! إن المسألة لا تحل إلا لأحد ثلاثة: رجل [ ص: 644 ] تحمل حمالة فحلت له المسألة حتى يصيبها ثم يمسك
ورجل أصابته جائحة اجتاحت ماله، فحلت له المسألة حتى يصيب قواما من عيش (أو قال سدادا من عيش) . ورجل أصابته فاقة حتى يقوم ثلاثة من ذوي الحجا من قومه: لقد أصابت فلانا فاقة. فحلت له المسألة حتى يصيب قواما من عيش (أو قال سدادا من عيش) . فما سواهن من المسألة يا قبيصة! سحتا، يأكلها صاحبها سحتا"
.]


(الشرح)

(عن قبيصة بن مخارق الهلالي؛ قال: تحملت حمالة) بفتح الحاء.

وهي المال الذي يتحمله الإنسان. أي: يستدينه ويدفعه في إصلاح ذات البين. كالإصلاح بين قبيلتين ونحو ذلك.

(فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أسأله فيها. فقال: " أقم حتى تأتينا الصدقة فنأمر لك بها". ثم قال: "يا قبيصة! إن المسألة لا تحل إلا لأحد ثلاثة: رجل تحمل حمالة، فحلت له المسألة حتى يصيبها ثم يمسك، ورجل أصابته جائحة اجتاحت ماله، فحلت له المسألة حتى يصيب قوامة من عيش" - أو قال: سدادا من عيش -) .

هما بكسر القاف والسين: بمعنى واحد. وهو ما يغني من الشيء، وما تسد به الحاجة.

[ ص: 645 ] وكل شيء سددت به شيئا، فهو "سداد" بالكسر. ومنه: "سداد" الثغر والقارورة. وقولهم: "سداد من عوز".

("ورجل أصابته فاقة حتى يقوم ثلاثة من ذوي الحجا من قومه: لقد أصابت فلانا فاقة) .

هكذا هو في جميع النسخ: "يقوم ثلاثة ". وهو صحيح.

أي: يقومون بهذا الأمر فيقولون: لقد أصابته فاقة.

(والحجا) مقصور. وهو العقل.

وإنما قال صلى الله عليه وآله وسلم: " من قومه "، لأنهم من أهل الخبرة بباطنه. والمال مما يخفى في العادة. فلا يعلمه إلا من كان خبيرا بصاحبه.

وإنما شرط " الحجا ": تنبيها على أنه يشترط في الشاهد التيقظ. فلا قبل من مغفل.

وأما اشتراط (الثلاثة) ، فقال بعض الشافعية: هو شرط في بينة الإعسار.

فلا يقبل إلا من ثلاثة، لظاهر هذا الحديث.

وقال الجمهور: يقبل من عدلين، كسائر الشهادات غير " الزنا ". وحملوا الحديث على " الاستحباب".

وهذا محمول على من عرف له مال. فلا يقبل قوله في تلفه والإعسار، إلا ببينة.

[ ص: 646 ] وأما من لم يعرف له مال، فالقول قوله في عدم المال.

(فحلت له المسألة حتى يصيب قواما من عيش " أو قال: سداد من عيش". فما سواهن من المسألة يا قبيصة! سحتا) .

وفي رواية غير مسلم : "سحت". وهذا واضح.

قال النووي : ورواية مسلم صحيحة. وفيه إضمار. أي: " أعتقده سحتا". أو يؤكل "سحتا ".

(يأكلها صاحبها سحتا) .

قال النووي : وإنما تحل له المسألة ويعطى من الزكاة، بشرط أن يستدين لغير معصية.

التالي السابق


الخدمات العلمية