السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

صفحة جزء
1750 (باب منه)

وذكره النووي في الباب المتقدم.

(حديث الباب)

وهو بصحيح مسلم \ النووي ص 147 - 148 ج7 المطبعة المصرية

[ (عن المسور بن مخرمة) (أنه قال: قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم أقبية، ولم يعط مخرمة شيئا، فقال مخرمة: يا بني! انطلق بنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. فانطلقت معه قال: ادخل فادعه لي، قال: فدعوته له فخرج إليه، وعليه قباء منها، فقال: "خبأت هذا لك" قال: فنظر إليه فقال: رضي مخرمة .]


[ ص: 649 ] (الشرح)

قال النووي : هو من باب التأليف. انتهى.

وفي رواية أخرى بلفظ: (فقام أبي على الباب فتكلم، فعرف النبي صلى الله عليه وسلم صوته، فخرج ومعه قباء وهو يريه محاسنه، وهو يقول: "خبأت هذا لك") .

وهذا آخر كتاب الزكاة، من تلخيص الحافظ المنذري.

وبقي منها مسائل، لا بد من التنبيه على بعضها، فأقول مختصرا:

لا زكاة في الجواهر. ولا دليل على ذلك.

ولا على مال غير المكلف، كالصبيان واليتامى.

ولا على أموال التجارة، ولا في المستغلات، ولا في الخضراوات.

واختلف قول الشوكاني في زكاة العسل؛ فذهب مرة إلى وجوبها.

كما في (السيل) . وأخرى إلى عدم وجوبها. كما في غيره.

وقد دلت الأدلة، في كل نوع من الأنواع التي تجب فيها الزكاة: على أن لها نصابا معلوما، يتعلق الوجوب به، ويسقط الوجوب إن لم يكمل.

وإذا نقص المال عن النصاب في بعض الحول، ثم كمل بعد ذلك: استؤنف التحويل من عند كماله.

ولا يشترط أن يكون في يده. بل إذا كان في يد غيره وديعة أو نحوها، وكان متمكنا من أخذه متى أراد، فهو في حكم الموجود لديه.

[ ص: 650 ] وإذا كان لا يتمكن منه متى أراد، فهو في حكم المعدوم. فيستأنف التحويل له من عند قبضه.

ومثله: المال الميئوس من رجوعه إذا رجع.

ولا تسقط الزكاة بدين على المزكي. سواء كان من دين الله، أو من ديون بني آدم؛ لأن وجوبها لا يرتفع بوجوب شيء آخر إلا بدليل.

واختلف في الزكاة في الحلية، ورجح الشوكاني في (السيل الجرار) : عدم الوجوب فيها.

ومصرف الزكاة: من تضمنته (الآية الشريفة) . فإن وجد البعض ففيه.

وقد كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يدفع من العطاء، الذي هو من مجموع أموال الله سبحانه وتعالى، التي من جملتها الزكاة، إلى الواحد من الصحابة: أنصباء كثيرة.

والعمل "لمن صار واليا على المسلمين في الزكاة وغيرها" صحيح، بل واجب إذا طلب ذلك، وإن كان غير عادل في بعض الأمور.

وللعامل في الزكاة أجرة عمله. ولا يجوز له: أن يأخذ زيادة على ما فرض له الإمام، أو السلطان.

والتأليف شريعة ثابتة جاء بها القرآن، وجعل "المؤلفة" إحدى المصارف الثمانية. وجاءت بها السنة المتواترة.

[ ص: 651 ] ويقبل قول من ادعى أنه من مصارف الزكاة.

ولا تحل لكافر.

وإدراج كافر التأويل في حكم الكافر، ناشئ من التعصبات التي ليست من دأب أهل الإيمان.

وإن ذلك مجرد دعوى، ليس عليها دليل، إلا مجرد القال والقيل.

ويجوز دفع الزكاة إلى الفاسق؛ لأنه من جملة المسلمين.

فإذا كان من أحد الأصناف المذكورة في الآية، فمنعه من نصيبه ظلم.

ولم يرد في الكتاب والسنة، شيء يصلح للاستدلال به على منعه.

ومنع الزكاة من الأصول والفصول، من الدعاوى الباطلة، لم يدل عليه دليل. بل الدليل كائن على خلاف ذلك.

والدفع إلى الإمام واجب، لجميع أنواع الصدقات، إلا أن يأذن لرب المال بالصرف، جاز له ذلك.

وأرباب الأموال، هم المخاطبون بتسليمها إلى الإمام ودفعها إليه.

فيكون التسليم المطلوب منهم، متوقف على إيصالهم لها إليه. والله أعلم.

هذا. وإن شئت الاطلاع على أدلة هذه المسائل تفصيلا، فراجع (السيل) ، و (شرح المنتقى) ، وغيرهما، من مؤلفات شيخنا وبركتنا، العلامة الشوكاني "رضي الله تعالى عنه".

التالي السابق


الخدمات العلمية