السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

صفحة جزء
1819 باب: لكل بلد رؤيتهم

وزاد النووي : ( وأنهم إذا رأوا الهلال ببلد، لا يثبت حكمه لما بعد عنهم ).

حديث الباب

وهو بصحيح مسلم \ النووي ص 197 ج 7 المطبعة المصرية

[عن كريب، أن أم الفضل بنت الحارث، بعثته إلى معاوية رضي الله عنه بالشام. قال: فقدمت الشام، فقضيت حاجتها. واستهل علي رمضان وأنا بالشام، فرأيت الهلال ليلة الجمعة. ثم قدمت المدينة في آخر الشهر. فسألني عبد الله بن عباس (رضي الله عنهما ) ثم ذكر الهلال. فقال متى رأيتم الهلال؟ فقلت: رأيناه ليلة الجمعة. فقال أنت رأيته؟ فقلت: نعم. ورآه الناس، وصاموا وصام معاوية. فقال لكنا رأيناه ليلة السبت، فلا نزال نصوم حتى نكمل ثلاثين أو نراه. فقلت: أولا تكتفي برؤية معاوية وصيامه؟ فقال: لا. هكذا أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم. "وشك يحيى بن يحيى في: نكتفي، أو تكتفي " ].


[ ص: 27 ] (الشرح)

قال النووي : هو ظاهر الدلالة للترجمة.

والصحيح عند أصحابنا: أن الرؤية لا تعم الناس، بل تختص بمن قرب على مسافة، لا تقصر فيها الصلاة.

وقيل: إن اتفق المطلع لزمهم.

وقيل: إن اتفق الإقليم، وإلا فلا.

وقال بعض أصحابنا: تعم الرؤية ( في موضع ): جميع أهل الأرض.

فعلى هذا نقول: إنما لم يعمل ابن عباس بخبر (كريب )، لأنه شهادة فلا تثبت بواحد.

لكن ظاهر حديثه: أنه لم يرده لهذا، وإنما رده لأن الرؤية لم يثبت حكمها في حق البعيد.

انتهى كلام النووي رحمه الله.

وأقول: الصحيح المختار، ما قاله الشوكاني ( رحمه الله )، في ( مختصره ): وإذا رآه أهل بلد، لزم سائر البلاد الموافقة. انتهى.

وإلى هذا ذهب الحنفية.

وذكرت في ( الروضة الندية ): أن وجه ذلك: الأحاديث المصرحة بالصيام لرؤيته والإفطار لرؤيته، وهي خطاب لجميع الأمة.

فمن رآه منهم في أي مكان، كان ذلك رؤية لجميعهم.

[ ص: 28 ] وأما الاستدلال بحديث (كريب ) هذا ( وله ألفاظ )، فغير صحيح.

لأنه: لم يصرح ابن عباس، بأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أمرهم بأن لا يعملوا برؤية غيرهم من أهل الأقطار.

بل أراد ابن عباس: أنه أمرهم بإكمال الثلاثين أو يروه، ظنا منه أن المراد بالرؤية: رؤية أهل المحل.

قال الشوكاني : وهذا خطأ في الاستدلال، أوقع الناس في الخبط والخلط، حتى تفرقوا في ذلك على ثمانية مذاهب.

وقد أوضح " رحمه الله تعالى " المقام في ( الرسالة )، التي سماها: ( إطلاع أرباب الكمال، على ما في رسالة الجلال في الهلال، من الاختلال ). فراجعها.

التالي السابق


الخدمات العلمية