السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

صفحة جزء
1952 باب في الصائم يأكل أو يشرب ناسيا

وقال النووي : ( باب: أكل الناسي وشربه وجماعه لا يفطر ).

حديث الباب

وهو بصحيح مسلم \ النووي ص 35 ج 8 المطبعة المصرية

[عن أبي هريرة (رضي الله عنه )، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من نسي وهو صائم فأكل أو شرب: فليتم صومه. فإنما أطعمه الله وسقاه". ]
(الشرح)

قال النووي : فيه: دلالة لمذهب الأكثرين؛ أن الصائم إذا أكل أو شرب أو جامع ناسيا، لا يفطر.

وممن قال بهذا: الشافعي، وأبو حنيفة، وداود، وآخرون.

وقال ربيعة ومالك: يفسد صومه. وعليه القضاء دون الكفارة.

وقال عطاء والأوزاعي والليث: يجب القضاء في الجماع دون الأكل.

وقال أحمد: يجب في الجماع القضاء والكفارة، ولا شيء في الأكل. انتهى.

وأقول: من أدخل مأكولا أو مشروبا، من فمه إلى جوفه، بطل صومه إذا كان له في ذلك اختيار.

[ ص: 44 ] ولا فرق بين مفطر ومفطر، ولا بين ماء ومشروب معتاد. وهذا معلوم بالضرورة الدينية.

وأما إذا لم يكن له اختيار ؛ فلا يبطل صومه، لورود الدليل فيمن أكل أو شرب ناسيا. وهو حديث الباب الثابت في الصحيحين وغيرهما، من حديث أبي هريرة.

وفي لفظ الدارقطني من هذا الحديث، بإسناد صحيح: " فإنما هو رزق ساقه الله تعالى إليه، ولا قضاء عليه".

وفي لفظ لابن خزيمة، وابن حبان، والحاكم، من هذا الحديث: " من أفطر يوما من رمضان ناسيا، فلا قضاء عليه ولا كفارة".

قال ابن حجر: وهو صحيح.

وأخرج الدارقطني من حديث أبي سعيد مرفوعا: " من أكل في شهر رمضان ناسيا، فلا قضاء عليه ".

قال ابن حجر: وإسناده وإن كان ضعيفا، لكنه صالح للمتابعة.

فأقل درجات الحديث: أن يكون حسنا فيصلح للاحتجاج به. انتهى.

وقد ذهب إلى العمل بهذا الجمهور. وهو الحق.

قال في ( السيل الجرار ): ومن قابل هذه السنة بالرأي الفاسد، فرأيه رد عليه، مضروب في وجهه.

[ ص: 45 ] وكثيرا ما يتمسك المصنفون، بمقالات أصولية مبنية على الرأي، فيرجعون إلى الرأي من حيث لا يشعرون.

ولهذا ألفت كتابي في الأصول، الذي سميته: ( إرشاد الفحول، إلى تحقيق الحق من علم الأصول ). انتهى.

قلت: ولي تلخيصه المسمى: ( حصول المأمول من علم الأصول ).

فمن لم يكن عنده الإرشاد، يكفيه هذا الملخص.

وحاصل المسألة: أن من فعل شيئا من المفطرات: كالجماع ناسيا، فله حكم من شرب أو أكل ناسيا.

ولا فرق بين مفطر ومفطر. والله أعلم.

التالي السابق


الخدمات العلمية