السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

صفحة جزء
1938 باب قضاء الصيام عن الميت

ومثله في النووي. إلا أنه قال: ( الصوم ) مكان الصيام.

حديث الباب

وهو بصحيح مسلم \ النووي ص 23 ج 8 المطبعة المصرية

[عن عائشة رضي الله عنها، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من مات وعليه صيام صام عنه وليه ". ]

وفي رواية ابن عباس: : ( أن امرأة أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: إن أمي ماتت وعليها صوم شهر، فقال: "أرأيت لو كان عليها دين أكنت تقضينه ؟" قالت: نعم، قال: "فدين الله أحق بالقضاء " ).

، وفي رواية أخرى عنه: ( جاء رجل ) وذكر نحوه.

وفي رواية أنها قالت: (إن أمي ماتت وعليها صوم نذر، أفأصوم عنها ؟ قال: "أرأيت لو كان على أمك دين فقضيته، أكان يؤدي ذلك عنها ؟" قالت: نعم. قال: "فصومي عن أمك". )


[ ص: 94 ] (الشرح)

قال النووي : اختلف العلماء فيمن مات وعليه صوم واجب من (رمضان )، أو قضاء، أو نذر، أو غيره ؛ هل يقضى عنه ؟

وللشافعي فيه قولان: أشهرهما: لا يصح عن ميت صوم أصلا.

الثاني: يصح صومه عنه، ويبرأ به الميت. ولا يحتاج إلى إطعام عنه.

قال: وهذا القول هو الصحيح المختار، الذي نعتقده.

وهو الذي صححه محققو أصحابنا، الجامعون بين الفقه والحديث، لهذه الأحاديث الصحيحة الصريحة.

وأما الحديث الوارد: "من مات وعليه صيام أطعم عنه": فليس بثابت.

ولو ثبت أمكن الجمع بينه وبين هذه الأحاديث، بأن يحمل على جواز الأمرين.

فإن من يقول بالصيام، يجوز عنده الإطعام.

فثبت: أن الصواب المتعين: تجويز الصيام، وتجويز الإطعام. والولي مخير بينهما.

قال: والمراد (بالولي ): القريب. سواء كان عصبة، أو وارثا، أو غيرهما. وقيل: المراد: ( الوارث ). وقيل: العصبة. والصحيح: الأول.

[ ص: 95 ] ولو صام عنه أجنبي ؛ إن كان بإذن الولي صح، وإلا فلا. في الأصح. ولا يجب على الوالي الصوم عنه. لكن يستحب.

قال: هذا تلخيص مذهبنا في المسألة.

وممن قال به من السلف: طاووس، والحسن البصري، والزهري، وقتادة، وأبو ثور.

وبه قال الليث، وأحمد، وإسحاق، وأبو عبيد، في صوم النذر دون رمضان وغيره.

وذهب الجمهور: إلى أنه لا يصام عن ميت، لا نذر ولا غيره.

حكاه ابن المنذر عن ابن عمر، وابن عباس، وعائشة. ورواية عن الحسن، والزهري. وبه قال مالك، وأبو حنيفة. .

قال عياض وغيره: هو قول جمهور العلماء.

وتأولوا الحديث على أنه: يطعم عنه وليه.

قال النووي : وهذا تأويل ضعيف، بل باطل.

وأي ضرورة إليه ؟ وأي مانع يمنع من العمل بظاهره، مع تظاهر الأحاديث مع عدم المعارض لها ؟

وفي هذه الأحاديث: جواز صوم الولي عن الميت، كما ذكرنا.

وفيه: أنه يستحب للمفتي أن ينبه على وجه الدليل، إذا كان مختصرا واضحا، وبالسائل إليه حاجة أو يترتب عليه مصلحة ؛ [ ص: 96 ] لأنه صلى الله عليه وآله وسلم، قاس على دين الآدمي: تنبيها على وجه الدليل.

وفيه: صحة القياس، لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: " فدين الله أحق بالقضاء".

وفيه: قضاء الدين عن الميت.

قال الشوكاني في (وبل الغمام ): الظاهر والله أعلم: أنه يجب على الولي أن يصوم عن قريبه الميت، إذا كان عليه صوم. سواء أوصى أو لم يوص ؛ كما هو مدلول الحديث.

ومن زعم خلاف هذا، فليأت بحجة تدفعه. انتهى.

[ ص: 97 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية