السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

صفحة جزء
1939 باب منه

وهو في النووي في: ( باب قضاء الصوم عن الميت ).

حديث الباب

وهو بصحيح مسلم \ النووي ص 25 ج 8 المطبعة المصرية

[عن بريدة رضي الله عنه، قال: بينا أنا جالس عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذ أتته امرأة فقالت: إني تصدقت على أمي بجارية، وإنها ماتت. قال: فقال: "وجب أجرك، وردها عليك الميراث". قالت: يا رسول الله! إنه كان عليها صوم شهر، أفأصوم عنها؟ قال "صومي عنها". قالت: إنها لم تحج قط. أفأحج عنها؟ قال: "حجي عنها". ]


(الشرح)

( عن بريدة " رضي الله عنه " ؛ قال: بينا أنا جالس عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ أتته امرأة ).

وفي حديث ابن عباس: أن السائل رجل.

(فقالت: إني تصدقت على أمي بجارية. وإنها ماتت. قال: فقال: " وجب أجرك، وردها عليك الميراث ". قالت: يا رسول الله ! إنه كان عليها صوم شهر ).

[ ص: 98 ] وفي رواية أخرى: ( صوم شهرين ).

( أفأصوم عنها ؟ قال: "صومي عنها " ).

قال العلامة الشوكاني في ( السيل الجرار ): ظاهر الأدلة الصحيحة: أن الولي مأمور بالصوم عن الميت، إذا مات وعليه صوم، كما في حديث عائشة في الصحيحين وغيرهما، وفي حديث ابن عباس في الصحيحين، ونحوه عن بريدة مرفوعا.

وقد ذهب الجمهور: إلى أنه لا يجب الصوم على الولي.

وبعضهم قال: لا يصح.

والسنة ترد عليهم.

أما إذا وصى الميت: بأن يكفر عنه من ماله، فربما يقال: إنه قد اختار ذلك لنفسه. وارتفع الوجوب عن الولي.

ويحمل على هذا: حديث ابن عمر، عند الترمذي وابن ماجه: (من مات وعليه صيام شهر، فليطعم عنه مكان كل يوم: مسكينا ).

على ضعف من إسناد هذا الحديث ؛ [ ص: 99 ] فإن فيه: ( عمر بن موسى بن دحية )، وهو ضعيف جدا. والراوي عنه: ( إبراهيم بن نافع )، وهو أيضا ضعيف.

قال الترمذي: الصحيح: أنه عن ( ابن عمر ). وكذا قال الدارقطني، و البيهقي . انتهى.

وتقدم عن النووي: أن حديث الإطعام ليس بثابت.

ولو ثبت: أمكن الجمع بينه وبين هذه الأحاديث. فراجع.

وفي الحديث: جواز سماع كلام المرأة الأجنبية، في الاستفتاء ونحوه، من مواضع الحاجة.

وفيه: أن من تصدق بشيء ثم ورثه، لم يكره له أخذه، والتصرف فيه.

بخلاف ما إذا أراد شراءه، فإنه يكره، لحديث: ( فرس عمر رضي الله عنه ).

(قالت: إنها لم تحج قط. أفأحج عنها ؟ قال: " حجي عنها ". ).

قال النووي : فيه: دلالة ظاهرة لمذهب الشافعي والجمهور ؛ أن النيابة في الحج جائزة عن الميت والعاجز المأيوس من برئه. انتهى.

قلت: لكن تختص هذه النيابة بالقريب من الميت، كما يأتي بيان ذلك في موضعه.

وليست تلك إلى أجنبي. فليعلم.

[ ص: 100 ] ثم قال: واعتذر عياض عن مخالفة مذهبهم لهذه الأحاديث في الصوم عن الميت، والحج عنه، بأنه مضطرب.

قال: وهذا عذر باطل ؛ وليس في الحديث اضطراب، إنما فيه اختلاف جمعنا بينه كما سبق.

ويكفي في صحته: احتجاج مسلم به في صحيحه. والله أعلم.

التالي السابق


الخدمات العلمية