السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

صفحة جزء
1999 باب: ليلة القدر ليلة سبع وعشرين

وهو في النووي في: ( باب فضل ليلة القدر. ، والحث على طلبها الخ ).

حديث الباب

وهو بصحيح مسلم \ النووي ص 64 - 65 ج 8 المطبعة المصرية

[عن عبدة، وعاصم بن أبي النجود، سمعا زر بن حبيش يقول: سألت أبي بن كعب رضي الله عنه، فقلت: إن أخاك ابن مسعود يقول: من يقم الحول يصب ليلة القدر. فقال رحمه الله. أراد أن لا يتكل الناس. أما إنه قد علم أنها في رمضان، وأنها في العشر الأواخر، وأنها ليلة سبع وعشرين. ثم حلف (لا يستثني ): أنها ليلة سبع وعشرين. فقلت: بأي شيء تقول ذلك؟ يا أبا المنذر! قال: [ ص: 187 ] بالعلامة -أو بالآية- التي أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنها تطلع يومئذ، لا شعاع لها].
(الشرح)

هكذا هو في جميع النسخ: ( أنها تطلع ). من غير ذكر ( الشمس ).

وحذفت للعلم بها. فعاد الضمير إلى معلوم. كقوله تعالى: حتى توارت بالحجاب . ونظائره كثيرة.

(والشعاع ) بضم الشين. قال أهل اللغة: هو ما يرى من ضوئها عند بروزها، مثل الحبال والقضبان، مقبلة إليك إذا نظرت إليها.

قال صاحب ( المحكم ) بعد أن ذكر هذا المشهور: وقيل: هو الذي تراه ممتدا بعد الطلوع.

قال: وقيل: هو انتشار ضوئها.

وجمعه: ( أشعة، وشعع ) بضم الشين والعين. وأشعت الشمس: نشرت شعاعها.

قال عياض : قيل: معنى (لا شعاع لها ): أنها علامة جعلها الله تعالى لها.

قال: وقيل: بل لكثرة اختلاف الملائكة في ليلتها، ونزولها إلى الأرض، [ ص: 188 ] وصعودها بما تنزل به، سترت بأجنحتها وأجسامها اللطيفة: ضوء الشمس وشعاعها. والله أعلم. انتهى.

وعن معاوية بن أبي سفيان، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال في ليلة القدر : "ليلة سبع وعشرين ". رواه أبو داود مرفوعا.

وقال الحافظ في ( بلوغ المرام ): الراجح وقفه. أي: على معاوية.

زاد الشارح صاحب ( السبل ): وله حكم الرفع.

قال الحافظ: وقد اختلف في تعيينها، على أربعين قولا، أوردتها في ( فتح الباري ). انتهى.

قال في ( سبل السلام ): ولا حاجة إلى سردها، لأن منها ما ليس في تعيينها، كالقول بأنها رفعت، والقول بإنكارها من أصلها. فإن هذه عدها الحافظ من ( الأربعين ).

وفيها أقوال أخر، لا دليل عليها. وأظهر الأقوال: أنها في السبع الأواخر.

وقال الحافظ في (فتح الباري ) بعد سرده الأقوال: وأرجحها كلها، أنها في وتر العشر الأواخر.

وأنها تنتقل. كما يفهم من حديث هذا الباب.

[ ص: 189 ] وأرجى أوتار هذا الوتر، عند الشافعية: إحدى وعشرين، وثلاث وعشرين، على ما في حديثي أبي سعيد، وعبد الله بن أنيس.

وأرجاها عند الجمهور: ليلة سبع وعشرين. انتهى.

وعليه يدل صنيع الحافظ المنذري (رحمه الله ) في هذا التلخيص ؛ فإنه أتى بهذا القول، في آخر باب من أبواب الاعتكاف.

وذكرت في تعيينها أقوالا، في ( مسك الختام شرح بلوغ المرام )، جاوزت الأربعين. وأتيت في ذلك بكلام حسن، في ( الروضة الندية شرح الدرر البهية ). فراجعهما.

قال شيخ الإسلام ( أحمد بن تيمية ) قدس سره: وبكل حال، فلا يجزم بليلة بعينها: أنها ليلة القدر على الإطلاق.

بل هي مبهمة في العشر، كما دلت عليه النصوص. انتهى.

قال شيخنا وبركتنا في ( السيل الجرار ): الكلام في هذا البحث يطول.

وقد ذكرت في شرحي للمنتقى في ذلك: سبعة وأربعين مذهبا. ورجحت منها: القول الخامس والعشرين.

فليرجع إلى ذلك. ففيه ما يشفي ويكفي. ولا يحتاج الناظر فيه إلى أن ينظر في غيره. والمقام لا يتسع لذلك. انتهى.

وأرجح هذه الأقوال قوله: إنها في أوتار العشر الأواخر. كما سبقت إليه الإشارة، من ( وبل الغمام ).

[ ص: 190 ] وهذا التحقيق من ذلك الإمام، يوافق ما ذكرنا من قول شيخ الإسلام رحمه الله: إنها مبهمة في العشر. وليست بليلة بعينها. والعلم عند الله تعالى.

التالي السابق


الخدمات العلمية