السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

صفحة جزء
2133 باب: من أختم بالحج ومعه الهدي

وذكره النووي في: (باب بيان وجوه الإحرام إلخ).

حديث الباب

وهو بصحيح مسلم \ النووي ص 166 - 167 ج8 المطبعة المصرية

[وحدثنا ابن نمير. ، حدثنا أبو نعيم. ، حدثنا موسى بن نافع. قال: قدمت مكة متمتعا بعمرة، قبل التروية بأربعة أيام. فقال الناس: تصير حجتك الآن مكية. فدخلت على عطاء بن أبي رباح، [ ص: 292 ] فاستفتيته. فقال عطاء: حدثني جابر بن عبد الله الأنصاري (رضي الله عنهما) ؛ أنه حج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام ساق الهدي معه. وقد أهلوا بالحج مفردا. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أحلوا من إحرامكم. فطوفوا بالبيت، وبين الصفا والمروة. وقصروا. وأقيموا حلالا، حتى إذا كان يوم التروية، فأهلوا بالحج. واجعلوا التي قدمتم بها متعة".

قالوا: كيف نجعلها متعة، وقد سمينا الحج؟ قال: "افعلوا ما آمركم به. فإني لولا أني سقت الهدي، لفعلت مثل الذي أمرتكم به. ولكن لا يحل مني حرام، {حتى يبلغ الهدي محله ففعلوا "
].


(الشرح)

(عن موسى بن نافع قال: قدمت مكة متمتعا بعمرة، قبل التروية بأربعة أيام، فقال الناس: تصير حجتك الآن مكية. فدخلت على عطاء بن أبي رباح ، فاستفتيته. فقال عطاء : حدثني جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنهما: أنه حج مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم - عام ساق الهدي معه. وقد أتموا بالحج مفردا. فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم -: "أحلوا من إحرامكم. فطوفوا بالبيت ، وبين الصفا والمروة . وقصروا، وأقيموا حلالا، حتى إذا كان يوم التروية") . وهو: الثامن من ذي الحجة [ ص: 293 ] "وفيه": أن من كان بمكة ، وأراد الحج، إنما يحرم به من يوم التروية . وبه قال الشافعي وموافقوه.

(فأهلوا بالحج. واجعلوا التي قدمتم بها متعة) .

قال النووي : هذا الكلام، فيه تقديم وتأخير. وتقديره: وقد أهلوا بالحج مفردا. فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم -: اجعلوا إحرامكم عمرة. وتحللوا بعمل العمرة. وهو معنى: (فسخ الحج إلى العمرة) .

(قالوا: كيف نجعلها متعة، وقد سمينا الحج؟ قال: "افعلوا ما آمركم به. فإني لولا أني سقت الهدي، لفعلت مثل الذي أمرتكم به. ولكن لا يحل مني حرام، حتى يبلغ الهدي محله، ففعلوا) .

"فيه": دليل ظاهر للشافعي ، ومالك ، في ترجيح الإفراد، وأن غالبهم كانوا محرمين بالحج.

قال النووي : ويتأول رواية من روى (متمتعين): أنه أراد في آخر الأمر: صاروا متمتعين. انتهى.

وأقول: حجه -صلى الله عليه وسلم -، وإن اختلفت الأحاديث في بيان نوعه، فقد تواتر أنه: حج (قرانا). وبلغت الأحاديث في ذلك زيادة على عشرين حديثا. من طريق سبعة عشر صحابيا. ولم يرد ما يصلح لمعارضة بعض هذه الأحاديث، فضلا عن كلها.

[ ص: 294 ] فمن جعل وجه التفضيل لأحد أنواع الحج: هو أنه -صلى الله عليه وسلم - حج بنوع كذا، وأن الله سبحانه، لا يختار لرسوله -صلى الله عليه وسلم - إلا ما كان فاضلا على غيره: فقد كان حجه -صلى الله عليه وسلم - (قرانا). فيكون (القران) أفضل أنواع الحج .

ولكنه قد ثبت من حديث جابر هذا، وحديث آخر عنه، في الصحيحين وغيرهما: أن النبي -صلى الله عليه وسلم - قال: "لو استقبلت من أمري ما استدبرت، ما سقت الهدي. ولجعلتها عمرة" . فدل على: أن (التمتع) أفضل، من القران ومن الإفراد.

قال في (السيل): وقد سقت المذاهب والأدلة، في شرحي (للمنتقى) ، مما لا يحتاج الناظر إلى الرجوع إلى غيره. فالإحالة عليه أولى. انتهى.

قلت: وفي الحديث دليل، على جواز فسخ الحج إلى العمرة أيضا.

التالي السابق


الخدمات العلمية